والجواب عن ذلك : أنه محذوف ، والتقدير فيه : قاف القرآن المجيد ليبعثن ، ويدل عليه قوله (١) : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً).
وكذا جواب (إذا) محذوف ، وتقديره : أإذا متنا وكنا ترابا بعثنا أو رجعنا (٢) ، ويدل عليه قوله : (ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ،) أي : أمر لا ينال ، وهو جحد منهم ، كما تقول للرجل يخطئ في المسألة : لقد ذهبت مذهبا بعيدا من الصواب ، أي : أخطأت.
ويقال : عجيب وعجاب وعجّاب (٣) ، وهذه أبنية للمبالغة ، ومثله كبير وكبار وكبّار ، وله نظائر.
قوله تعالى : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) [ق : ١٧].
يسأل عن توحيد (قَعِيدٌ؟)
وعنه جوابان :
أحدهما : أنه واحد يراد به الجمع ، قال الفراء (٤) : حدثني حيان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : (قَعِيدٌ) قال : يريد قعودا عن اليمين وعن الشمال ، وهذا كما تقول : أنتم صديق لي ، وكما قالوا : (رسول) في معنى (رسل) وقال الهذلي :
ألكني إليها وخير الرسو |
|
ل أعلمهم بنواحي الخبر (٥) |
فجعل (الرسول) في معنى (الرسل) ، والعلة في هذا : (أنّ فعيلا) و (فعولا) من أبنية المصادر نحو : الزئير والدّوي والقبول والولوع ، والمصدر يقع بلفظ الواحد ، ويراد به التثنية والجمع : لأنه جنس ، والجنس يدل واحده على ما هو أكثر منه (٦).
الجواب الثاني : أن يكون المعنى : عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد ، ثم حذف اكتفاء بأحد الاسمين عن الثاني ؛ لأن المعنى مفهوم (٧) ، قال الشاعر :
__________________
(١) معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٤١ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٢١٢.
(٢) مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٦٨٢.
(٣) ينظر العين : ١ / ٢٣٥ (عجب).
(٤) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٧٧.
(٥) سبق تخريجه.
(٦) معاني القرآن للأخفش : ١ / ٢٣٩ ، والأصول : ١ / ٢٧٣ ، والبغداديات : ٤٢٢ ـ ٤٢٣.
(٧) قول ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : ٢١٨ ، ٢٨٨ ، وينظر الكتاب : ١ / ٣٨.