ويسأل عن خبر (أَنَّ)؟
والجواب : أن النحويين يجعلونه في الظرف الذي هو (فِيكُمْ)(١) ، وهذا القول فيه نظر ؛ لأن حق الخبر أن يكون مفيدا ، ولا يجوز : النار حارة ؛ لأنه لا فائدة في الكلام ، ومجاز هذا القول أنه على طريق التنبيه لهم على مكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كما يقول القائل للرجل يريد أن ينبهه على شيء ؛ فلان حاضر ، والمخاطب يعلم ذلك ، فهذا وجهه.
والوجه عندي (٢) ؛ أن يكون الخبر في قوله : (لَعَنِتُّمْ ؛) لأن الفائدة واقعة به ؛ والمعنى : واعلموا أن رسول الله لو يطيعكم لعنتم ، كما تقول : إنّ زيدا لو أكرمته لقصدك ، وما أشبه ذلك.
ومن سورة ق
قوله تعالى : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) [ق : ١ ـ ٣].
قد تقدّم في صدر الكتاب ما قيل في فواتح السور ، ومما لم نذكره هنا لك بعض ما قيل في (ق) : قيل : (ق) جبل محيط بالدنيا ، وقد ذكرنا قول الحسن ؛ أنه اسم للسورة (٣) ، وقيل معناه : قضي الأمر ؛ وكذا قيل في (حم) [غافر : ١] : حمّ الأمر (٤) ، أي : دنا ، قال الفراء (٥) : هو قسم أقسم به.
والمجيد : العظيم الكريم ، يقال : مجد الرجل ، ومجد : إذا عظم وكرم : إذا عظم كرمه ، والأصل من مجدت الإبل مجودا إذا عظمت بطونها لكثرة أكلها [٩٠ / ظ] من الربيع (٦).
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : أين جواب القسم؟
__________________
(١) مجمع البيان : ٩ / ٢١٩.
(٢) لقد أسند الطبرسي في مجمع البيان : ٩ / ٢١٩ هذا الرأي إلى نفسه ، على الرغم من كثرة نقله من هذا الكتاب؟!!.
(٣) النكت والعيون : ٥ / ٣٣٩.
(٤) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٣٤.
(٥) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٧٥ ، وهو أيضا رأي الأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٤٨٣.
(٦) ينظر العين : ٦ / ٨٩ (مجد) ، والنكت والعيون : ٥ / ٣٤٠.