يَعْقِلُونَ) [الحجرات : ٤].
جاء في التفسير : أن أعرابا جفاة جاءوا ، فجعلوا ينادون من وراء الحجرات : يا محمد ، أخرج إلينا ، وهو قول قتادة ومجاهد وكانوا من بني تميم (١).
قال الفراء (٢) : أتاه وفد بني تميم ، وهو نائم في الظهيرة ، فجعلوا ينادون : أخرج إلينا يا محمد ، فاستيقظ ، فخرج إليهم ، ونزل : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) ثم أذن لهم بعد ذلك ، وقام شاعرهم وشاعر المسلمين وخطيبهم وخطيب المسلمين فعلت أصواتهم بالتفاخر ، فنزلت : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) [الحجرات : ٢].
وقيل : نزلت في قوم كانوا يسبقون النبي صلىاللهعليهوسلم بالقول إذا سئل عن شيء (٣).
والحجرات : جمع حجرة ، وفيها ثلاث لغات (٤) : حجرات ـ بضمتين ـ وحجرات ـ بفتح الجيم ـ وحجرات ـ بإسكانها ، والأولى أفصح.
قال الشاعر :
أمّا كان عبّاد كفيّا لدارم |
|
بلى ولأبيات بها الحجرات (٥) |
قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) [الحجرات : ٧].
يسأل عن قوله : (لَوْ يُطِيعُكُمْ) في صفة النبي صلىاللهعليهوسلم؟
والجواب : أنه على طريق المجاز ؛ لأن حقيقة الطاعة : موافقة الداعي الأجل فيما دعا إليه من الأدون ، ولا يجوز أن يقال : إن الله تعالى يطيع العبد ، كما لا يجوز أن يقال : إن العبد أمر ربه ونهاه ، ولكن دعاه فأجابه ، فكان الطاعة هاهنا : الإجابة لما سألوا منه (٦).
والعنت : المعاندة (٧).
__________________
(١) ينظر أسباب نزول الآيات : ٢٥٩.
(٢) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٧٠.
(٣) ينظر أسباب نزول الآيات : ٢٥٩.
(٤) ينظر العين : ٣ / ٧٥ (حجر).
(٥) لم أقف على قائل البيت ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢١٩ ، والطبري في جامع البيان : ٢٦ / ١٥٦.
(٦) ينظر جامع البيان : ٢٦ / ١٦٣.
(٧) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٩ ، واللسان : ٢ / ٦١ (عنت)