(سلامة بن جندل) (١) :
عجّلتم علينا حجّتين عليكم |
|
وما يشأ الرّحمن يعقد ويطلق |
قوله تعالى : (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) [الزخرف : ٨٥ ـ ٨٨] ، [٨٧ / و].
الساعة هاهنا : القيامة.
ومعنى : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِ) أي : إلا من شهد بأنه أهل العفو عنه.
ومعنى قوله : (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) أي : يدعون إلها ، إلا أنه حذف.
قرأ عاصم (وَقِيلِهِ يا رَبِ) وكذلك قرأ حمزة ، وهي قراءة السلمي وبعض أصحاب عبد الله بن مسعود ، وقرأ أهل المدينة وَقِيله بالنصب ، وهي قراءة الحسن أيضا ، وروي عن الأعمش أو غيره وَقِيله بالرفع (٢).
فمن جر عطفه على (السّاعة) كأنه قال : وعنده علم الساعة وعلم قيله يا رب (٣) ، وقيل : ويجوز أن يكون معطوفا على (الحقّ) من قوله : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ، وَقِيلِهِ).
ومن نصب أضمر فعلا تقديره : ويعلم قيله يا رب ، وهو اختيار أبي إسحاق (٤) ، وقال الفراء (٥) : كأنه قال : وشكى شكواه إلى ربه ، قال : وهي في إحدى القراءتين ، قال : ويجوز نصبه على قوله : (نَسْمَعُ سِرَّهُمْ) [الزخرف : ٨٠] (وَقِيلِهِ ،) وقال الرماني التقدير : إلا من شهد بالحق وقال قيله يا رب أن هؤلاء قوم لا يؤمنون ، على جهة الإنكار عليهم ، ويجوز أن يكون معطوفا على موضع الساعة ؛ لأن معنى قوله : (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ،) ويعلم الساعة ، والساعة مفعولة وليست ظرفا ؛ لان الله تعالى لا يعلم في
__________________
(١) شاعر من قدماء الشعراء الجاهلين ، من بني كعب بن سعد التميمي. ينظر ترجمته في : الشعر والشعراء : ١٧٠ ، وهو في الأصمعيات : ١٣٦.
(٢) ينظر السبعة : ٥٨٩ ، والنشر : ٢ / ٣٧٠ ، والبدور الزاهرة : ٥٣٤.
(٣) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٣٨ ، والتبيان في إعراب القرآن : ٢ / ١١٤٢.
(٤) أي : الزجاج ، فهو في معانيه : ٤ / ٣٢١.
(٥) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٣٨.