والثاني : أنه نظر في نجوم الأرض (١) ، وهو جمع نجم وهو ما لم يقم على ساق فرآها تجف وتذوي ، فقال : إني سقيم ، أي : سأسقم وأذهب كما تذهب هذه النجوم.
وقيل : فنظر نظرة في النجوم ، أي : فيم ينجم (٢) ، له من الرأي ، أي : يظهر ، يقال نجم النبت إذا ظهر ، فقال : إني سقيم.
قال الفراء (٣) في قوله : (فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) أي : مطعون ، ويقال : إنها كلمة فيها معراض (٤) ، أي : كل من كان في عنقه الموت فهو سقيم وإن لم يكن به حين قالها سقم ظاهر ، قال : وهو وجه حسن.
وروي عن يحيى بن المهلب (٥) عن الحسن بن عمارة (٦) عن المنهال بن عمرو (٧) عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب في قوله تعالى : (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ) [الكهف : ٧٣] ، وقال : لم ينس ولكنها من معاريض الكلام ، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه : (إنّ في المعاريض لما يغنيك عن الكذب) (٨).
وقيل : (كذب إبراهيم عليهالسلام ثلاث كذبات) (٩) : قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ ،) وقوله : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) [الأنبياء : ٦٣] ، وقوله في (سارة) هي أختي ، وهذا على ما ذهب إليه الفراء (١٠) من المعاريض : (إِنِّي سَقِيمٌ) سأسقم ، و (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) على طريق التبكيت لهم ، وكأنه فعله لتعظيمهم إياه ، وسارة أخته في الدين.
__________________
(١) ينظر معاني القرآن للنحاس : ٦ / ٤١.
(٢) هذا قول النحاس في معاني القرآن : ٦ / ٤٠.
(٣) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٨٨.
(٤) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٧٥٧.
(٥) هو أبو كدينة البجلي ، كوفي ثقة. ينظر ترجمته في : معرفة الثقات : ٢ / ٣٥٧ ، والجرح والتعديل : ٩ / ١٨٨.
(٦) روى عن ابن أبي ملكية والحكم وعنه السفيانان وخلق ، قال الدار قطني متروك ، ورماه المديني بالوضع (ت ١٥٣ ه). ينظر ترجمته في : تهذيب التهذيب : ٢ / ٢٠٣ ، وميزان الاعتدال : ١ / ٥١٣.
(٧) الأسدي مولى لبني عمرو بن أسد بن خزيمة الكوفي ، وثقة يحيى بن معين. ينظر في ترجمته : التعديل والتجريح : ٢ / ٨٣٧.
(٨) الأدب المفرد : ١٨٩ ، والسنن الكبرى للبيهقي : ١٠ / ١٩٩.
(٩) هذا طرف من حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرويه أبو هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري : ٤ / ١١٢.
(١٠) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٨٨.