وقيل : الكذب يجوز في المكيدة والتّقية ومسرّة الأهل بما لا يضر (١).
قوله تعالى : (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات : ١٠١ ـ ١٠٢].
قوله : (ما ذا تَرى) من الرأي ، أي : ما رأيك في ذلك (٢) ، وقال الفراء (٣) المعنى : ماذا تريني من رأيك أو ضميرك ، و (رأى) في الكلام على خمسة أوجه (٤) :
ـ بمعنى أبصر ، نحو : رأيت.
ـ وبمعنى علم ، نحو : رأيت زيدا عالما.
ـ وبمعنى ظنّ ، نحو قوله : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً) [المعارج : ٦ ـ ٧] ، فالأول بمعنى الظن ، والثاني بمعنى العلم (٥).
ـ وبمعنى أعتقد ، نحو قوله (٦) :
وإنّا لقوم لا نرى القتل سبّة |
|
إذا ما رأته عامر وسلول |
ـ وبمعنى الرأي ، نحو قولك رأيت هذا الرأي.
فأمّا (رأيت في المنام) فمن رؤية البصر ، فلا يجوز أن تكون (ترى) هاهنا بمعنى تبصر [٨١ / و] ؛ لأنه لم يشر إلى شيء يبصر بالعين ، ولا يجوز أن تكون بمعنى (علم) أو (ظن) أو (اعتقد) ؛ لأن هذه الأشياء تتعدى إلى مفعولين ، وليس هاهنا إلا مفعول واحد ، مع استحالة المعنى ، فلم يبق إلا أن يكون من (الرأي) والمعنى : ماذا تراه (٧).
واختلف في جواب (لما) :
__________________
(١) ينظر التبيان في تفسير القرآن : ٨ / ٥١٠.
(٢) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٢٣٤.
(٣) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٩٠.
(٤) ينظر الصحاح : ٦ / ٢٣٤٧.
(٥) قال بهذا السيرافي في شرحه للكتاب : ٢ / ٣١٨.
(٦) البيت للسموأل ، شرح ديوان الحماسة للتبريزي : ١ / ١٣٠. وهو من شواهد الباقلاني في إعجاز القرآن : ١٠٤ ، والزبيدي في تاج العروس : ٧ / ٣٧٨.
(٧) مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٦١٧ ـ ٦١٨.