قوله تعالى : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) [يس : ٣٨ ـ ٣٩]
العرجون : الكباسة ، وهو القنو أيضا ، والقنا والعثكول والعثكال (١) ، والقديم : البالي.
ويسأل عن قوله : (لِمُسْتَقَرٍّ لَها؟)
وفيه ثلاثة أجوبة :
دها : أنها تجري لانتهاء أمرها عند انقضاء الدنيا.
والثاني : أنها تجري لوقت واحد لا تعدوه ، وهو قول قتادة.
والثالث : أنها تجري إلى أبعد منازلها في الغروب (٢).
وقوله : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) [يس : ٤٠] قيل معناه : حتى يكون نقصان ضوئها كنقصانه ، [٧٨ / ظ] وقال أبو صالح : لا يدرك أحدهما ضوء الآخر ، وقيل : الشمس لا تدرك القمر في سرعة سيره ، ولا الليل سابق النهار وكل على مقادير قدرها الله تعالى (٣).
والفلك : موضع النجوم من الهواء ، وأصله : الاستدارة ، ومنه قيل : فلكة المغزل (٤) ، ويروى (٥) أن بعضهم قرأ (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) أي لا نهاية.
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ) بالرفع ، وقرأ الباقون بالنصب (٦) ، فمن رفع جعله مبتدأ ، والخبر في قوله : (قَدَّرْناهُ) وهذا كما تقول : زيد قام وعبد الله أكرمته ، وأما النصب فعلى إضمار فعل يدل عليه (قَدَّرْناهُ ،) كأنه قال : وقدرنا القمر قدرناه منازل ، ثم حذف الفعل الأول لدلالة الثاني عليه (٧) ، كما تقول : زيد قام
__________________
(١) ينظر العين : ٢ / ٣٢٠ (عرجن) ، ومعاني القرآن للنحاس : ٥ / ٤٩٥.
(٢) ذكر الأوجه الثلاثة : ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : ٣١٦ ، والماوردي في النكت والعيون : ٥ / ١٧.
(٣) ينظر جامع البيان : ٢٣ / ١١ ، وحكام القرآن : ٣ / ٤٩٢ ، والنحت والعيون : ٥ / ١٨.
(٤) ينظر العين : ٥ / ٣٧٤ (فلك).
(٥) روى هذا الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٣٧٧ ، وابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : ٣١٦.
(٦) ينظر السبعة : ٥٤٠ ، والمبسوط : ٣٧١.
(٧) وجه القراءتين هذا التوجيه ابن خالويه في الحجة : ٢٩٨ ، والأزهري في معاني القراءات : ٢ / ٣٠٧ ، والفارسي في الحجة في علل القراءات السبع : ٦ / ٤٠.