وعمرا أكرمته ، والنصب أجود من الرفع (١) ؛ لأنك تعطف فعلا على فعل (٢) ، قال الربيع بن ضبع الفراري (٣) :
أصبحت لا أحمل السّلاح ولا |
|
أملك رأس البعير إن نفرا |
والذّئب أخشاه إن مررت به |
|
وحدي وأخشى الرّياح والمطرا |
يريد : وأخشى الذئب أخشاه ، وأمّا الرفع فهو عطف جملة على جملة وفي الكلام حذف ، والتقدير : والقمر قدرناه ذا منازل ، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، ولا يجوز أن يكون بلا حذف ؛ لأن القمر غير المنازل وإنما يجري في المنازل ، ولا يجوز أن تنصب (مَنازِلَ) على الظرف ؛ لأنه محدود والفعل لا يصل إلى المحدود إلا بحرف جر نحو : جلست في المسجد ، ولا يجوز : جلست المسجد ، وإنما يصل الفعل بغير حرف إلى الظرف المبهم نحو : أمام ووراء وفوق وتحت ويمنة ويسرة وما كان في معناها (٤).
قوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [يس : ٥١ ـ ٥٢].
الصّور : قرن من نور ينفخ فيه يوم القيامة ، واشتقاقه من : صرت الشيء أصوره ، أي : أملته وعطفته ، كأنه قال : يميل الناس إلى الحشر ويعطفهم.
وقيل : الصّور جمع صورة بمعنى الصور ، والمعنى : ينفخ في صور بني آدم ، وأصل الصورة أيضا من الميل ؛ لأنها تمال إلى هيأة من الهيئات (٥).
والأجداث : القبور ، واحدها : جدث ، هذه لغة أهل العالية ، وأهل السافلة يقولون (جدف) (٦).
__________________
(١) النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٧٢١ ، والفارسي في الإيضاح : ٣١ ، والحريري في شرح ملحة الإعراب : ١٥٤ يرون أن الرفع أجود.
(٢) هو يوافق في هذا الزجاجي في جملة : ٤٠.
(٣) نسبهما إليه أبو زيد في النوادر : ٤٤٦.
(٤) ينظر المقتضب : ٢ / ٢٧٢.
(٥) ينظر مجاز القرآن : ٢ / ١٦٢ ، والصحاح : ٢ / ٧١٦ (صور).
(٦) ينظر العين : ٦ / ٧٣ (حدث) ، وجامع البيان : ٢٣ / ١٩ ، ومجمع البيان : ٨ / ٢٨١.