غداة أحلّت لابن أصرم طعنة |
|
حصين عبيطات السّدائف والخمر |
والعبيطات : مفعولة ، والطعنة : فاعلة فقلب ، ومن أغلاطهم. قول الراجز :
بريّة لم تعرف المرقّقا |
|
ولم تذق من البقول الفستقا (١) |
ظن (الفستق) من البقول ، فأمّا قول خداش بن زهير (٢).
وتركب خيلا لا هوادة بينها |
|
وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر |
فذهب جمهور العلماء إلى أنّ المعنى : وتشقى الضياطرة الحمر بالرماح ، فقلب ، وليس الأمر عندي كذلك ، وإنما أن رماحهم تشرف عن هؤلاء الضياطرة ، فإذا طعنوا بها فقد شقيت الرماح ؛ لأنّ منزلتها أرفع من أن يطعنوا بها ، وكذا قول زهير (٣) :
فتنتج لكم غلمان أشأم كلّهم |
|
كأحمر عاد ثمّ ترضع فتفطم |
قالوا : إنّما هو أحمر ثمود فغلط فنسبه إلى عاد ، وليس هذا عندي غلطا ؛ لأن ثمودا تسمى عاد الآخرة ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) [النجم : ٥٠].
وإنّما سمّوا ثمود لأنّ الله تعالى لما أهلك عادا بقيت منهم بقية تناسلوا فهم ثمود ، فاشتق لهم من الثّمد وهو الماء القليل (٤) ؛ لأنّهم قلّوا عن عدد عاد الأولى ، وهذا كثير في الشعر يجري مجرى الغلط ولا يجب أن يحمل القرآن عليه.
قوله تعالى : (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) [القصص : ٨٢]
اختلف العلماء في (وَيْكَأَنَ) :
فذهب الفراء (٥) إلى أنّ أصلها (ويلك) فحذفت اللام وجعلت (أنّ) مفتوحة في موضع نصب بفعل مضمر ، كأنّه قال : ويلك أعلم أنه ، وأنشد لعنترة (٦) :
__________________
(١) استشهد به ابن سيده في المخصص : ١١ / ١٣٩.
(٢) من شعراء قيس المجيدين في الجاهلية ، ينظر ترجمته في الشعر والشعراء : ٤٣٥. والبيت من شواهد الطبري في جامع البيان : ٢٠ / ٣٧. والجوهري في الصحاح : ٢ / ٧٢١ (ضطر).
(٣) في شرح ديوانه لثعلب : ٢٠.
(٤) العين : ٨ / ٢٠ (ثمر).
(٥) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣١٢.
(٦) هذا البيت السبعون من معلقته ، ينظر المعلقات للزوزني : ١٢٩.