ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها |
|
قول الفوارس ويك عنتر اقدم |
قال : وحدثني شيخ من أهل البصرة قال سمعت أعرابية تقول لزوجها : أين ابنك ويلك؟ ، فقال لها : ويكأنه وراء البيت ، قال معناه : أما ترينه وراء البيت ، قال الشاعر :
سألتاني الطّلاق أن رأتا ما |
|
لي قليلا قد جئتماني بنكر |
ويكأنّ من يكن له نشب يح |
|
بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ (١) |
وقال البصريون : (وي) كلمة ينبه بها على أمر من الأمور ، [٧١ / ظ] وهي حرف مفصول من كأنّ (٢) ، وذلك أنهم لما رأوا الخسف نبهوا من تكلم على قدر علمه.
وقيل (٣) : هي كلمة يستعملها الرجل إذا فاجأه أمر مفظع.
وقيل (٤) : معناها : ألا كأنّه ، وأمّا كأنّه.
وقيل : المعنى : وي بأنّ الله تعالى ، كأنّه قال : تنبيهك بهذا ، إلّا أنّه حذف.
وقيل : (٥) المعنى : ألم تر أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، لا لكرامة (قارون) بسط الرزق له.
فعلى مذهب البصريين تكتب (وي كأنّه) منفصلة (٦).
وعلى مذهب الفراء تكتب (ويكأنّه) متصلة ، وقد حكى الفراء الوجه الأول ، ولم ينكره إلّا أنّه قال : لم تكتبها العرب متصلة ، ثم قال : ويجوز أن يكون كثر بها الكلام فوصلت بما ليس منها ، كما اجتمعت العرب على كتابة (يا بنمّ) فوصلوها لكثرتها ، فأجاز ما ذهب إليه البصريون (٧) ، ولم يجز البصريون (٨) قوله ، فصار قول البصريين إجماعا.
__________________
(١) استشهد به سيبويه في الكتاب : ٢٩٠ ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ١١٢ ، والأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٤٣٥.
(٢) هذا رأي الخليل وسيبويه في الكتاب : ١ / ٢٩٠ ، ووافقهما الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ١١٨ ، وابن السراج في الأصول : ١ / ٢٥١ ، والنحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٥٥٩ ، والزجاجي في حروف المعاني : ٦٨.
(٣) ينظر النكت في تفسير كتاب سيبويه : ١ / ٥٢٣.
(٤) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ١١٨.
(٥) هذا رأي أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ١١٢.
(٦) ينظر معاني القرآن للنحاس : ٥ / ٢٠٥.
(٧) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣١٢ ، والصاحبي : ٢٨٢ ـ ٢٨٤.
(٨) ينظر معاين القرآن وإعرابه : ٤ / ١١٨ ، والنكت في تفسير كتاب سيبويه : ١ / ٥٢٤ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٥٤٨.