وإن لم تضمر اسمه في (نودي) فهي (١) في موضع رفع ، أي : نودي ذلك ، قال : وفي حرف أبي بن كعب (٢) «أن بوركت النّار». وتلخيص الوجه الأول : أن يكون المعنى : ونودي موسى بأن بورك ، ثم حذف (الباء) فوصل الفعل إلى (أن).
وتلخيص الوجه الثاني : أن يكون المعنى : ونودي البركة و (مَنْ حَوْلَها) في موضع رفع ؛ لأنّه معطوف على موضع (من) الأولى (٣).
قوله تعالى : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) [النمل : ٢٤]
الخبأ : أصله من خبأت الشيء أي سترته وأخفيته (٤) ، وخبء السموات : الأمطار والرياح ، وخبء الأرض : الأشجار والنبات.
وممّا يسأل عنه أن يقال : ما موضع (أن) من (أَلَّا يَسْجُدُوا) [النمل : ٢٥]؟
والجواب أنّ التّقدير مختلف :
أمّا من خفف (أَلَّا يَسْجُدُوا) فإن المعنى عنده : ألا يا قوم اسجدوا ، فاسجدوا على هذه القراءة مبنيّ ؛ لأنّه أمر ، والعرب تحذف المنادى وتدع حرف النداء ليدل عليه (٥) ، قال الشاعر :
يا لعنة الله والأقوام كلّهم |
|
والصّالحين على سمعان من جار (٦) |
والمعنى : يا قوم لعنة الله ، وقيل (٧) : (يا) هاهنا للتنبيه ، وليس بحرف نداء ، قال ذو الرمة (٨) :
ألا يا اسلمي يا دارميّ على البلا |
|
ولا زال منهلا بجرعائك القطر |
__________________
(١) أي «أن».
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٨٦.
(٣) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٨٣ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٥٣٢.
(٤) ينظر العين : ٤ / ٣١٥ (خبأ).
(٥) قال بهذا : ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : ٢٢٣ ، والنحاس في معاني القرآن : ٥ / ١٢٦ ، والزجاجي في اللامات : ٣٧ ، وابن فارس في الصاحبي : ٣٨٦.
(٦) من شواهد سيبويه في الكتاب : ١ / ٣٢٠ ، والنحاس في معاني القرآن : ٥ / ١٢٦ ، والزجاجي في اللامات : ٣٧ ، وابن هشام في مغني اللبيب : ٢ / ٣٧٣.
(٧) هذا رأي السيرافي في شرحه الكتاب : ١ / ١٥٢ ، ونبّه له الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٨٨ ، وابن جني في الخصائص : ٢ / ١٩٥ / والرماني في معاني الحروف : ٩٣.
(٨) ديوانه : ٢٠٩ ، وهو من شواهد الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٨٨ ، والزركشي في البرهان : ٣ / ٦٨.