قرأ الكسائي وعاصم وحمزة (بِشِهابٍ قَبَسٍ) على البدل من (شهاب) ، وقرأ الباقون (بِشِهابٍ قَبَسٍ) على الإضافة (١).
قال الفراء (٢) : هو بمنزلة قوله : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) [يوسف : ١٠٩] ، ممّا يضاف إلى نفسه إذا اختلف اسماه لفظاه. وهذا عند البصريين غلط ؛ لأنّ الشّيء لا يضاف إلى نفسه ، وإنما يضاف إلى غيره ليخصصه أو ليعرفه (٣) ، فأمّا قوله تعالى : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) فتقديره عندهم : ولدار السّاعة الآخرة ، ثم حذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه ، ومثله قوله تعالى : (حَبَّ الْحَصِيدِ) [ق : ٩](٤) ، إنّما معناه : حبّ النبت الحصيد ، ومن كلام العرب :
صلاة الأولى ومسجد الجامع ، والتّقدير فيهما : صلاة الفريضة الأولى ، ومسجد اليوم الجامع (٥) ، وكذا قراءة من قرأ (بِشِهابٍ قَبَسٍ) إنما معناه : بشهاب نار ؛ لأنّ الشهاب قد يقع على غير النار ، فصار هذا من باب : ثوب خز ، وخاتم فضة ، والمعنى : من خزّ ، ومن فضة ، ومن قبس.
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : ما موضع (إِذْ؟)
والجواب : أنّ موضعها نصب بإضمار فعل ، كأنّه قال : اذكر إذ قال ، وهذا قول الزجاج (٦) ، وقال غيره (٧) : هو منصوب ب : (عَلِيمٍ) أي : عليم إذ قال.
ويسأل عن موضع قوله : (أَنْ بُورِكَ) [النمل : ٨]؟
قال الفراء (٨) : يجعل (أَنْ) في موضع نصب إذا أضمرت اسم (موسى) في (نودي) ،
__________________
(١) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٨٦.
(٢) ينظر السبعة : ٤٧٨ ، والحجة لابن خالويه : ٢٦٩ ، ومعاني القراءات : ٢٣٣ ، والحجة لأبي علي الفارسي : ٥ / ٣٧٢ ـ ٣٧٧ ، والمبسوط : ٣٣١ ، والتبصرة : ٦١٩.
(٣) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٨٦.
(٤) نبّه لذلك النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٥٠٨.
(٥) ينظر مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٥٣١ ، والمقتصد : ٢ / ٨٩٣.
(٦) معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٨٣.
(٧) ينظر بحر العلوم : ٢ / ٤٨٩.
(٨) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٨٦.