اختلف في (اسْتَكانُوا) :
فقيل : هو (استفعل) من الكون ، والمعنى : ما طلبوا الكون على صفة الخضوع.
وقيل : هو من (السّكون) ، إلّا أنّ الفتحة أشبعت فنشأت منها ألف ، فصار (استكانوا) ، وهو على هذا القول (افتعلوا) ، أي : استكنوا (١) ، قال الشاعر (٢) في إشباع الفتحة :
فأنت من الغوائل حين ترمى |
|
ومن ذمّ الرّجال بمنتزاح |
أي : بمنتزح ، وقال عنترة (٣) :
ينباع من ذفرى غضوب جسرة |
|
زيّافة مثل الفنيق المكرم |
يريد : ينبع ، فأشبع الفتحة على ما قدمنا.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) [المؤمنون : ٩٩].
يسأل : لم جاز (ارْجِعُونِ) بلفظ الجمع؟
وفيه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنّه استغاث أولا بالله تعالى واستعان به ، ثم رجع إلى مسألة الملائكة في الرجوع إلى الدنيا هذا القول رواه ابن جريج (٤).
والثاني : أنّ العظماء يخبرون عن أنفسهم كما تخبر الجماعة ، فخوطبوا كما تخاطب الجماعة (٥).
والثالث : أنّه جمع الضمير ليدل على التكرار (٦) ، فكأنّه قال : ربّ ارجعن ارجعن ارجعن ، وهذا قول المازني.
__________________
(١) ينظر مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٥٠٥.
(٢) البيت لإبراهيم بن هرمة ، ديوانه : ٩٢ ، وهو من شواهد ابن جني في الخصائص : ٢ / ٣١٦ ، والجوهري في الصحاح : ١ / ٤١٠ (نزح) ، وابن منظور في اللسان : ٢ / ٦١٤ (نزح).
(٣) وهو البيت الثالث والثلاثون من معلقته ، وهو من شواهد ابن جني في المحتسب : ١ / ٧٨.
(٤) مجمع البيان : ٧ / ٢٠٨ ، وبحر العلوم : ٢ / ٤٢١.
(٥) ينظر تأويل مشكل إعراب القرآن : ٢٩٣ ، والصاحبي : ٣٥٣.
(٦) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٤٢٧ ، وشرح الرضي على الكافية : ٣ / ٣٦٢.