ومن سورة النّور
قوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النور : ١].
في (السّورة) للعلماء أقوال :
أحدها : أنّها [٦٤ / ظ] مأخوذة من سور البناء ، وهي ارتفاعه ، وقيل : هو ساف من أسوافه ، فعلى القول الأول تكون تسميتها بذلك لارتفاعها في النّفوس ، وعلى القول الثاني تكون تسميتها بذلك لأنّها قطعة من القرآن.
وقيل : السّورة الشّرف والجلالة (١) ، قال النابغة (٢).
ألم تر أنّ الله أعطاك سورة |
|
ترى كلّ ملك دونها يتذبذب |
فإنّك شمس والملوك كواكب |
|
إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب |
وقيل : أصلها الهمزة واشتقاقها من (أسأرت) إذا أبقيت في الإناء بقية ، ومنه الحديث :
(إذا شربتم فأسئروا) (٣) ، إلا أنّه اجتمع على تخفيفها كما اجتمع على تخفيف (برية) و (روية) ، وهما من : برأ الله الخلق وروأت في الأمر.
وأصل الفرض : الحزّ (٤) ، ثم اتسع فيه فجعل في موضع الإيجاب.
والرأفة : التحنن والتعطف ، يقال : رأفة ورآفة (٥).
والطائفة هاهنا : رجلان فصاعدا ، وهو قول عكرمة ، وقيل : ثلاثة فصاعدا ، وهو قول قتادة والزهري ، وقيل : أقلّه أربعة ، وهو قول ابن زيد (٦).
واختلف في قوله : (فَرَضْناها) :
__________________
(١) ينظر معاني (سورة) في : الصحاح : ٢ / ٦٩٠ (سور) ، ومجمع البيان : ٧ / ٢١٨ ، واللسان : ٤ / ٣٨٦ (سور).
(٢) ديوانه : ١٨ ، وهو من شواهد الطبري في جامع البيان : ١ / ٧٢ ، والنحاس في معاني القرآن : ٢ / ٢٢٣ ، والمرتضى في أماليه : ٢ / ١٣٢.
(٣) ينظر غريب الحديث لابن سلّام : ٢ / ٢٩٣ ، والنهاية في غريب الحديث : ٢ / ٣٢٧.
(٤) اللسان : ٧ / ٢٠٥ (فرض).
(٥) ينظر الصحاح : ٤ / ١٣٦٢ (رأف).
(٦) جامع البيان : ١٨ / ٩٢ ، وأحكام القرآن : ٣ / ٣٤٤.