الفصحى ، ويقال : رضع بالفتح (١) ، وينشد هذا البيت على اللغتين :
وذمّوا لنا الدّنيا وهم يرضعونها |
|
أفاويق حتى ما يدرّ لها ثعل (٢) |
ويقال : سكارى وسكارى وهو الباب.
وقرأ بعضهم (٣) سكرى شبهه بصريع وصرعى ؛ ذلك أنّ السكران مشرف على الهلكة ، وباب (فعلى) موضوع لهذا نحو : قتلى وصرعى وزمنى وهلكى (٤).
وقوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) :
يا : حرف نداء ، وهو نائب عن الفعل الذي هو (أدعو) و (أنادي) (٥) ، واختلف قول أبي علي (٦) فيه : فمرة جعل فيه الضمير الذي كان في (أدعو وأنادي) ، ومرة قال لا ضمير فيه ، وهو الوجه ؛ لأنّ الحروف لا يضمر فيها.
وأي : منادى مفرد (٧) مبني على الضّم ، وكذا حكم كلّ منادى مفرد معرفة (٨).
وإنّما بني لأنه أشبه المضمر (٩) من ثلاث جهات :
أحدها : أنّه مخاطب ، والمخاطب لا يكون إلا مضمرا (كافا) أو (تاء).
والثانية : أنّه معرفة كما أن المضمر لا يكون إلا معرفة.
والثالثة : أنّه مفرد أي غير مضاف ، كما أن المضمر لا يضاف.
فمتى سقطت واحدة من هذه الخصال أعرب المنادى (١٠).
و (ها) : عوض من قطع الإضافة عن (أيّ) ؛ لأنها لا تكون أبدا في غير هذا الموضع إلّا
__________________
(١) ينظر تهذيب اللغة : ١ / ٤٧٣ (رضع).
(٢) البيت لابن همّام السلولي ، كما في الصحاح : ٣ / ١٢٢٠ (رضع) ، والجامع لأحكام القرآن : ١٥ / ١٥٦.
أفاويق : جمع أفواق ، وهو جمع فيقة ، بكسر الفاء : اسم اللبن الذي تجمع في الضرع بين الحلبتين. والثعل : خلف زائد صغير في اختلاف الناقة وفي ضرع الشاة. الصحاح : ٤ / ١٥٤٦ (فوق) ، ٤ / ١٦٤٦ (ثعل).
(٣) هذه قراءة حمزة والكسائي ، ينظر السبعة : ٤٣٤.
(٤) ينظر الحجة لأبي علي الفارسي : ٥ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧.
(٥) الكتاب : ١ / ١٤٧.
(٦) ينظر المسائل العسكرية لأبي علي : ١٠٩ ـ ١١١.
(٧) ينظر الكتاب : ١ / ٣٠٦ ، والمقتضب : ٤ / ٢١٦.
(٨) الكتاب : ١ / ٣٠٣.
(٩) هذا قول المبرد في المقتضب : ٤ / ٣٠٤ ـ ٢٠٥.
(١٠) ينظر مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٨٥.