مضافة لفظا أو معنى ؛ لأنّها تدل على بعض الشيء ، بعض الشيء مضاف إلى جميعه (١).
واشتقاقها من (أويت) ، ففعلوا بها ما فعلوا ب : (طيّ) و (ليّ) ، وأصلها (طويّ) و (لويّ) ، وكذا الأصل في (أيّ) (أوي) ، والاشتقاق في الأسماء المبهمة عزيز لا يكاد يوجد منه إلا حروف يسيرة لإيغالها في شبه الحرف ، والحرف غير مشتق نحو : من وإلى وهل وما أشبه ذلك و (النَّاسُ) نعت ل (أيّ) لا يستغني عنه ؛ لأنّه المنادى في المعنى ، وإنّما جاءوا ب : (أي) ليتوصلوا بها إلى نداء ما فيه الألف واللام (٢) ، وكان أبو الحسن الأخفش يقول في (النّاس) وما يجري مجراه : هو صلة ل (أيّ) (٣).
وأجمع النّحويون (٤) على الرفع في (النَّاسُ) إلا المازني (٥) ، فإنّه أجاز النصب وشبهه بقولك : يا زيد الظريف ، حمله على (أيّ) ، وهذا غير مرض منه ؛ لأن (الظّريف) نعت يستغنى عنه ، وليس كذلك (النّاس) (٦).
و (الألف واللام) في (النّاس) للعهد ، وقيل للجنس ، وتأوّل على قول سيبويه : أنهما بدل من الهمزة ؛ لأنّ الأصل (أناس) فحذفت الهمزة ، وجعلت (الألف واللام) عوضا منها (٧) ، وقال الفراء : الأصل (الأناس) فألقيت حركة الهمزة على (اللام) وحذفت ، فصار (النّاس) فاجتمع المتقاربان فأسكن الأول وأدغم في الثاني (٨) ، وقال الكسائي : يقال يا ناس وأناس (٩) ، فالألف واللام [٦٠ / ظ] دخلتا على (ناس). فمن قال : (أناس) أخذه من الأنس أو الإنس ، وهو (فعال) ، ومن قال : (ناس) أخذه من ناس ينوس إذا ذهب وجاء ، ومنه قيل : ذو نواس لذؤابة كانت عليه ، ويجوز أن يكون من ناس في المكان إذا أقام فيه ، وإن كان (النّاووس) عربيا كان مشتقا من هذا ، وقال ابن الأنباري هو من (نسيت)
__________________
(١) ينظر الكتاب : ١ / ٣٩٧ ـ ٣٩٩.
(٢) مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٨٥.
(٣) لم أقف على هذا القول في معاني الأخفش ، وقد ذكره الطوسي في التبيان في تفسير القرآن : ٢ / ٢٤ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ١١٤.
(٤) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٣٨٨.
(٥) نسب إليه هذا الرأي النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٣٨٨ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٨٥.
(٦) هذا قول النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٣٨٨.
(٧) ينظر الكتاب : ١ / ٣٠٦.
(٨) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢١٥.
(٩) لم أقف على قوله فيما توافر لي من مصادر.