وعن هذا جوابان :
أحدهما : أنه وضع الجمع موضع التثنية (١) ، والعرب تفعل ذلك وعليه قوله تعالى : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) [النساء : ١١]. قال ابن عباس : أخوان فصاعدا (٢).
وقال تعالى : (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) [الأعراف : ١٥٠] ، جاء في التفسير أنهما لوحان.
والثاني : أن يكون أدخل معهما المحكوم لهم.
والأوّل أولى ؛ لأنّ المحكوم لهم ، لم يحكموا وإنّما حكم لهم.
وداود وسليمان عطف (٣) على قوله تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) [الأنبياء : ٧٣] ، كذلك قوله : (وَلُوطاً آتَيْناهُ) [الأنبياء : ٧٤] [٥٨ / ظ] ، (وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ) [الأنبياء : ٧٦].
قوله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء : ٨٧].
النّون : الحوت ، وجمعه نينان قياسا لا سماعا.
وذو النّون : يونس بن متي عليهالسلام (٤). قال ابن عباس والضحّاك : غضب على قومه (٥).
وقيل : خرج قبل الأمر بالخروج على عادة الأنبياء عليهمالسلام (٦).
ومعنى (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) أي : لن نضيّق عليه (٧) ، ومنه قوله تعالى : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) [الطلاق : ٧].
أي : ضيّق ، وهو قول ابن عباس ومجاهد والضحّاك (٨) ، وقال تعالى : (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) [الرعد : ٢٦] ، والمعنى على هذا : فظنّ أن لن نضيّق عليه فنادى في
__________________
(١) هذا رأي الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٢٠٨ ، وينظر معالم التنزيل : ٥ / ٣٣٢.
(٢) ينظر البرهان في علوم القرآن : ٢ / ٢٧٢.
(٣) ينظر مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٨٠.
(٤) ينظر العين : ٨ / ٣٩٦ (نون) ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٣٢٦.
(٥) تفسير ابن عباس : ٣٥٤ ، وجامع البيان : ١٧ / ١٠١.
(٦) ينظر معاني القرآن للأخفش : ٢ / ٤١٢.
(٧) ينظر بحر العلوم : ٢ / ٣٧٧ ، والنكت والعيون : ٣ / ٤٦٦.
(٨) رجّحه ابن جرير في جامع البيان : ١٧ / ١٠٥.