ساكنة ولو حذفتها لالتقى مثلان فيجب إسكان الأولى وإدغامها في الثاني ، فيجتمع إعلالان ، والعرب تفرّ من مثل هذا.
وقيل في قوله : (أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) أنّ معناه : أفهم الغالبون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم توبيخا لهم ، وهو قول قتادة ، وقيل : من يحفظهم ممّا يريد الله إنزاله بهم من عقوبات الدنيا والآخرة (١).
قوله تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) [الأنبياء : ٧٨].
النفش : الرّعي ليلا ، هذا قول شريح ، وقال الزّهري : النفش : العمل بالنّهار أيضا (٢).
وممّا يسأل عنه أن يقال : كيف أضاف الحكم إليهما ، وإنّما المتسبب في الحكم أحدهما؟
والجواب أن المعنى : إذ أسرعا في الحكم من غير قطع به ، ويجوز أن يكون المعنى : إذ طلبا الحكم في الحرث ، ولم يبتدئا به بعد ، ويجوز أن يكون داود عليهالسلام حكم حكما معلقا بشرط يفعله معه. كل ذلك قد قيل (٣).
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : ما الحرث الذي حكما فيه؟
والجواب أن قتادة قال : كان زرعا وقعت فيه الغنم ليلا ورعته ، وقال ابن مسعود وشريح : كان كرما قد نبتت عناقيده ، قال ابن مسعود : كان داود عليهالسلام حكم لصاحب الكرم بالغنم ، فقال له سليمان عليهالسلام : غير هذا يا نبي الله ، قال : وما ذاك؟ قال : تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان ، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان دفع كل واحد منهما إلى صاحبه (٤) ، وفي هذه الآية دلالة على النظر والاجتهاد.
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : كيف قال : (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ) وهما اثنان؟
__________________
(١) ينظر جامع البيان : ١٧ / ٤٢.
(٢) ينظر العين : ٦ / ٢٦٨ (نفش) ، وجامع البيان : ١٧ / ٧٠.
(٣) ينظر جامع البيان : ١٧ / ٧٠ ، والنكت والعيون : ٣ / ٤٥٨ ـ ٤٩٥ ، ومعالم التنزيل : ٥ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣.
(٤) ينظر أحكام القرآن : ٣ / ٢٩١.