عن قوله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي ،) أين مفعولا (وَاجْعَلْ؟)
وفي هذا جوابان :
أحدهما : أن يكون الكلام على التقديم والتأخير ، حتى كأنّه قال : واجعل لي من أهلي هارون أخي وزيرا ، ف (هارُونَ) مفعول أول ، و (وَزِيراً) مفعول ثان (١).
وإن شئت جعلت (وَزِيراً) مفعولا أولا ، و (لِي) مفعولا ثانيا ، وهذا الوجه الثاني.
ويجوز في (هارون) وجهان :
أحدهما : أن يكون نصبا بإضمار فعل ، كأنّه قال : أعني هارون أخي ، أو : استوزر لي هارون أخي ؛ لأنّ (وَزِيراً) يدلّ عليه (٢).
والثاني : [٥٥ / و] أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، كأنّه لما قال : واجعل لي وزيرا من أهلي ، قيل له ، من هذا الوزير؟ قال : هارون أخي ، فهذا وجه في الرّفع ، إلّا أنّ القراءة بالنصب ، فإن رفع رافع من القراء فهذا وجه.
ويجوز في النصب أن تضمر (أريد) كأنّه قيل له : من تريد؟ قال : أريد هارون أخي.
ويسأل عن قوله : (نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) [طه : ٣٤]؟
وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون نعتا لمصدر محذوف ، كأنّه في التقدير : نسبحك تسبيحا كثيرا ونذكرك ذكرا كثيرا.
والوجه الثاني : أن يكون نعتا لظرف محذوف تقديره ، نسبّحك وقتا كثيرا ، ونذكرك وقتا كثيرا (٣).
قوله تعالى : (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (٥٨) قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) [طه : ٥٨ ـ ٥٩].
قوله : (مَكاناً سُوىً) قال السّدي وقتادة : عدل ، وقال ابن زيد : مستو (٤).
__________________
(١) هذا رأي الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ٢٩٠.
(٢) ينظر مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٦٣.
(٣) جوز الوجهين النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٣٣٨.
(٤) جامع البيان : ١٦ / ٤١٢ ، ومعاني القراءات : ٢ / ١٤٧.