وقرأ ابن عامر وحمزة وعاصم (سُوىً) بضم السين ، وقرأ الباقون بكسرها (١) ، والضّم أكثر وأفصح ؛ لأنّ (فعل) في الصفات أكثر من (فعل) وذلك نحو : حطم ولبد ، فهذا أكثر من باب عدى (٢) ، وقد قرئ (بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) و (طُوىً)(٣) ، والضم أفصح لما ذكرناه ، ومثل ذلك : ثنى وثنى وعدى وعدى.
قال أبو عبيدة : السّوى النصف والوسط (٤) ، قال الشاعر :
وإنّ أبانا كان حلّ ببلدة |
|
سوى بين قيس عيلان والغزر (٥) |
و (يَوْمُ الزِّينَةِ) : يوم عيد لهم ، كذا قال السّدي وابن إسحاق وقتادة وابن جريج وابن زيد (٦).
وقيل يوم الزينة : يوم سوق لهم يتزينون فيه ، وهو قول الفراء (٧).
ويسأل عن قوله : (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) كيف رفع (يَوْمُ الزِّينَةِ ،) وجعله الموعد ، وإنّما الموعد مصدر؟
وفي هذا وجهان :
أحدهما : أن يكون على الحذف ، كأنه في التقدير : يوم موعدكم يوم الزينة ثم حذف (٨) على حد قوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] ، وإن شئت قدرته ، قال موعدكم يوم الزينة ، ثم حذفت على ما قدمناه ، ومثله قوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) [البقرة : ١٩٧] ، تقديره : مواقيت الحج أشهر معلومات ، وكذلك قوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف : ١٥] ، أي : مدة حمله وفصاله ثلاثون شهرا.
والثاني : أن تجعل (موعد) ظرف زمان ، فتخبر بالظرف عن الظرف ، وهذا كقولهم :
__________________
(١) السبعة : ٤١٨ ، والمبسوط : ٣٩٥ ، والتبصرة : ٥٩١.
(٢) ينظر الحجة في القراءات : ٥ / ٢٢٤.
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٧٥ ، والسبعة : ٤١٧.
(٤) مجاز القرآن : ٢ / ٢٠ ، والجامع لأحكام القرآن : ١١ / ٢١٢.
(٥) نسبه أبو عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٠ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ١١ / ٢١٢ ، والشوكاني في فتح القدير : ٣ / ٣٧١ إلى موسى بن جابر الحنفي.
(٦) ينظر تفسير مجاهد : ١ / ٣٩٨ ، وتفسير الصنعاني : ٣ / ١٧ ، وجامع البيان : ١٦ / ٢٢٢.
(٧) ينظر معاني القرآن : ٢ / ١٨٢.
(٨) هذا رأي الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢٩٣.