أحدهما : أن يكون المعنى (طأ) ثم أبدل من الهمزة هاء ، كما يقال : هرقت الماء ، وهنرت الثوب وهرحت الدابة ، في معنى : أرقت وأثرت وأرحت.
والثاني : أن يكون على تخفيف الهمز كأنّه (ط يا رجل) كما تقول : ر يا رجل ، ثم أدخلت الهاء للوقف (١).
وقد قرئ بهذه الوجوه كلّها :
فالوجه الأول : قراءة ابن كثير وابن عامر ونافع في إحدى الروايتين.
والثاني : قراءة حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر وعباس عن أبي عمرو.
والثالث : عن أبي عمرو ، وروي عن نافع بين الإمالة والتفخيم في إحدى الروايتين.
ويروى أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يرفع رجله في الصلاة ، فأنزل الله تعالى عليه (طه) أي : طء الأرض برجلك ، فهذا يقوي إسكان الهاء (٢).
قوله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) [طه : ٢٩ ـ ٣٤].
الأزر : الظهر ، يقال : آزرني فلان على كذا ، أي : كان لي ظهرا ، ومنه المئزر لأنّه يشد على الظهر (٣).
قرأ ابن عامر (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) بقطع الألف (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) بضم الألف ، وقرأ الباقون بوصل الألف الأولى وفتح الثانية (٤) ، فمن قرأ (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) بقطع الألف (وَأَشْرِكْهُ) بضم الألف ، فالألف ألف المتكلم ، وجزم ؛ لأنّه جواب الدعاء الذي هو (وَاجْعَلْ لِي ،) ومن وصل الألف وفتح الثانية جعله بدلا من قوله : (وَاجْعَلْ لِي)(٥) ويسأل
__________________
(١) ينظر اللغات في (طه) ومعانيه في : معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٧٤ ، ومعاني القرآن للأخفش : ٢ / ٤٠٦ ، وجامع البيان : ١٦ / ١٧٠ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢٨٤ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٣٣٠ ، والنكت والعيون : ٣ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣ ، ومعالم التنزيل : ٥ / ٢٦١ ـ ٢٦٢.
(٢) ينظر القراءات في (طه) في : السبعة : ٤١٦ والمبسوط : ٢٩٢ ، والحجة في القراءات : ٥ / ٢١٧ ، والتبصرة : ٥٨٩.
(٣) تهذيب اللغة : ١٣ / ٢٤٧ (أزر) ، وينظر مجاز القرآن : ٢ / ١٨.
(٤) ينظر السبعة : ٤١٨ ، والتيسير : ١٥١ ، والعنوان : ١٢٩.
(٥) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٧٨ ، وجامع البيان : ١٦ / ٢٠١ ، والحجة لابن خالويه : ٢٤١ ، ومعاني القراءات : ٢ / ١٤٤ ، وحجة القراءات : ٤٥٢.