وقال بعضهم : خصّت بعدد السبعة ؛ لأنّ السبعة أصل للمبالغة في العدّة ؛ لأنّ جلائل الأمور سبعة.
وأما من يقول (١) هي واو الثمانية ، ويستدل بذلك على أن للجنة ثمانية أبواب ، لقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧١] ، فشيء لا يعرفه النحويون ، وإنما هو من قول بعض المفسرين.
ولو حذفت هذه الواو لكان جائزا ؛ لأنّ الضمير في قوله : (وَثامِنُهُمْ) يربط الجملتين ، وذلك نحو قولك : رأيت زيدا وأبوه قائم ، ولو قلت : رأيت زيدا أبوه قائم لكان جائزا ، وتقول : رأيت زيدا وعمرو قائم ، فلا يجوز حذف الواو ؛ لأنه لا ضمير هاهنا يربط الجملتين (٢).
ولو دخلت الواو في قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ) [الكهف : ٢٢] لكان جائزا عند النحويين.
قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) [الكهف : ٢٥].
اختلف العلماء في هذا (٣).
فقال قوم : هذا إخبار من الله تعالى بمقدار لبثهم ، ثم قال لنبيه عليهالسلام : إن حاجّك المشركون فيهم قل : الله أعلم بما لبثوا ، هذا قول مجاهد والضحّاك وعبيد بن عمير.
وقال قتادة : هو حكاية عن قول اليهود ؛ لأجل قوله تعالى : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) [الكهف : ٢٦] ، فكأنه في التقدير : سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ، ويقولون كذا وكذا ، ويقولون ولبثوا في كهفهم ، وقد ذكرنا عن ابن عباس أنّه قال : أنا من ذلك القليل الذي استثناه الله تعالى.
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : كيف جاء قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) وإنّما يقال : ثلاثمائة سنة؟
__________________
(١) ينظر معاني الحروف : ٦٤ ، ومعالم التنزيل : ٥ / ١٦١.
(٢) ينظر أمالي المرتضى : ١ / ٤٤٠.
(٣) في جامع البيان : ١٥ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨.