والخرطوم : الخمر (١) ، إلّا أن القرآن جاء بالقصر ، والإسراف : مجاوزة الحد ، والسّلطان هاهنا : القود والدّية ، وهو قول ابن عباس والضّحّاك ، وقال قتادة : هو القود (٢).
وممّا يسأل عنه أن يقال : كيف قال : (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ،) أفيجوز قتلهم لغير إملاق؟
قيل : لا ، وإنّما نهى تعالى عن قتلهم البتة ، ثم أشعرهم بمكان الخوف ، ومثله قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) [البقرة : ٤١] ، لم يأمرهم أن يكونوا ثانيا ولا ثالثا (٣).
ويقال : ما معنى : (كانَ فاحِشَةً) [الإسراء : ٣٢] أتراه الآن ليس بفاحشة؟
والجواب : أنّه كان عندهم في الجاهلية فاحشة ، وهو كذلك الآن ، ومثل هذا في القرآن كثير.
ويقال : ما موضع (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ) [الإسراء : ٣٣]؟
والجواب : أنّه يحتمل النصب والجزم ، فأمّا النصب : فعلى قوله : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣] وأن لا تقتلوا. وأمّا الجزم : فعلى النّهي.
ويسأل عن الضّمير في قوله : (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) علام يعود؟
وفيه جوابان :
أحدهما : أنّه يعود على الولي ، وهو قول قتادة.
والثاني : أنه يعود على المقتول ، وهو قول مجاهد (٤). والقول الأول أبين.
وقرأ ابن كثير كان خطاء مكسور الخاء ممدودة مهموزة ، وقرأ ابن عامر خطأ بالفتح والهمز من غير مد ، وقرأ الباقون (خِطْأً) مكسورة الخاء ساكنة الطّاء مهموزة من غير مد (٥) ، وهذه لغات.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي : فلا تسرف في القتل بالتاء جزما ، وقرأ الباقون بالياء (٦).
__________________
(١) العين : ٤ / ٣٣٣ (خرطم).
(٢) ينظر جامع البيان : ١٥ / ١٠٤ ، والتبيان في تفسير القرآن : ٦ / ٤٧٥.
(٣) ينظر أحكام القرآن : ٢ / ١٩٧.
(٤) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٢٣ ، وجامع البيان : ١٥ / ١٠٧ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٤ / ١٥١.
(٥) ينظر السبعة : ٣٧٩ ، والمبسوط : ٣٦٨ ، والتبصرة : ٥٦٨.
(٦) السبعة : ٣٨٠ ، والروضة : ٦١١ ، والبدور الزاهرة : ٣٢٨.