والمعنى : أمرناهم بالطاعة ففسقوا ، وهو قول ابن عباس (١) وسعيد بن جبير.
وهذه قراءة السّبعة ، ومثله : أمرتك فعصيتني.
وقرئ (٢) أَمرْنا ومعناه : كثّرنا ، وقيل جعلناهم أمراء ، والأول أجود ؛ لأنّ القرية الواحدة لا يكون فيها عدّة أمراء في وقت واحد. وقرئءامرنا بالمد أي : كثّرنا (٣).
وذكر ابن خالويه (٤) : أن بعضهم قرأ أَمرْنا بكسر الميم بغير مد ، وذكر (٥) أنّ معناها : كثّرنا ، وأنّ (أمر) يأتي لازما ومتعديا.
ويسأل : لم خصّ المترفون؟
والجواب : لأنّهم الرؤساء ، ومن سواهم تبع لهم ، كما أمر فرعون وكان من عداه من القبط تبعا له.
قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً) [الإسراء : ٣١].
الإملاق : الفقر ، هذا قول ابن عباس (٦) ومجاهد ، وذلك أنهم كانوا يؤدون البنات خوفا من الفقر ، فنهاهم الله عن ذلك.
والزنا يمدّ ويقصر (٧) ، قال الشّاعر :
أبا حاضر من يزن يعرف زناؤه |
|
ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكّرا (٨) |
__________________
(١) ينظر تفسير ابن عباس : ٣١٧ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٤ / ١٣٤ ، وزاد المسير : ٥ / ١٤ ـ ١٥.
(٢) وهي قراءة أبو عثمان النهدي وليث عن أبي عمرو ، وأبان عن عاصم. مختصر في شواذ القراءات : ٧٥ ، وينظر جامع البيان : ١٥ / ٧١.
(٣) وهي قراءة يعقوب في غير رواية الوليد. ينظر معاني القراءات : ٢ / ٩٠ ، والحجة لأبي علي الفارسي : ٥ / ٩١ ، والروضة : ٦١٠.
(٤) هو أبو عبيد الله الحسين بن أحمد الهمذاني النحوي اللغوي (ت ٣٧٠ ه). ينظر ترجمته في : الفهرست : ٨٤ ، وإنباه الرواة : ١ / ٣٢٤ ، وبغية الوعاة : ١ / ٥٢٩. وينظر القراءة في مختصر شواذ القراءات : ٧٥ ، وهي ليحيى بن يعمر.
(٥) ذكر هذا أبو علي الفارسي في الحجة : ٥ / ٩٢.
(٦) تفسيره : ٣١٩ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٤ / ١٤٦.
(٧) مجاز القرآن : ١ / ٣٧٧ ، واللسان : ١٤ / ٣٥٩ (زنا).
(٨) البيت للفرزدق ، ديوانه : ٥٧ ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٣٧٧ ، والجوهري في الصحاح : ٢ / ٦٨٨ (سكر) ، وابن منظور في اللسان : ١٤ / ٣٥٩ (زنا).