ينصرف (١) ، قال النّابغة (٢) :
إنّا اقتسمنا خطّتينا بيننا |
|
فحملت برّة واحتملت فجار |
وقال أبو عبيدة : هو منادى ، كأنّه قال : يا سبحان الّذي (٣) ، ولا يجيز هذا حذّاق أصحابنا ؛ لأنّه لا معنى له.
وقوله : (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ ،) تقديره عند البصريين : باركنا ما حوله ، فحذفت (ما) وهي موصوفة ، وبقيت الصّفة التي هي (حَوْلَهُ) تدلّ على المحذوف.
وقال الكوفيون : هي موصولة. ولا يجيز البصريون حذف الموصول (٤).
قوله تعالى : (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً) [الإسراء : ٢].
(آتَيْنا) : أي أعطينا.
ويسأل عن نصب قوله : (ذُرِّيَّةَ) [الإسراء : ٣]؟
وفي نصبها وجهان :
أحدهما : أن يكون بدلا (٥) من (وَكِيلاً ،) كأنّه في التّقدير : ألّا تتخذوا من دوني وكيلا ذرّية من حملنا مع نوح.
والثاني : أن يكون منادى ، كأنّه قال : يا ذرّية من حملنا مع نوح (٦).
هذا على قراءة من قرأ ألَّا تَتَّخِذُوا بالتّاء ، وأمّا من قرأ إلا يتخذوا (٧) باليّاء ، ف : (ذُرِّيَّةَ) في قوله بدل من (وَكِيلاً)(٨) [٤٨ / ظ] كما كان في أحد الوجهين الأوّلين.
__________________
(١) لأنّ (برة) اسم على معنى البر ، فلذلك لم ينصرف للتعريف والتأنيث.
(٢) ديوانه : ٥٩ ، وهو من شواهد ابن جني في الخصائص : ٢ / ١٩٨ ، وابن السكيت في إصلاح المنطق : ١٤٦.
(٣) نسبه إليه أيضا مكي في مشكل إعراب القرآن : ١ / ٤٢٧.
(٤) ينظر التبيان : ٧ / ٤٨٠ ، ومجمع البيان : ٢ / ٣٦٤ ، ومغني اللبيب : ٢ / ٦٢٥.
(٥) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٢٣٠.
(٦) هذا رأي الفراء في معاني القرآن : ٢ / ١١٦ ، واختيار الزّجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ١٨٥.
(٧) قرأ بالياء أبو عمرو وحده ، وقرأ الباقون بالتاء.
ينظر السّبعة : ٣٧٨ ، والنشر ٢ / ٣٠٦ ، والإتحاف : ٢٨١.
(٨) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٢٣٠ ، والحجة في القراءات : ٥ / ٨٤ ـ ٨٥.