ومن سورة بني إسرائيل (١)
قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء : ١].
المسجد الحرام بمكة ، والمسجد الأقصى ببيت المقدس ، وهو مسجد سليمان عليهالسلام ، عن الحسن وقيل : الأقصى لبعد المسافة بينهما.
قال الحسن : صلّى النبي صلىاللهعليهوسلم المغرب في المسجد الحرام ، ثم أسرى به إلى بيت المقدس في ليلته ، ثم رجع فصلّى الصّبح في المسجد الحرام ، فلما أخبر المشركين بذلك كذّبوه وقالوا :
يسير مسيرة شهر في ليلة واحدة! ، وسألوه عن بيت المقدس ، فطوى الله تعالى له الأرض حتى أبصرها ، فكان ينظر إليها ويصف لهم.
وقيل : كان تلك الليلة في المسجد الحرام ، كما قال الحسن وقتادة.
وقيل : كان في بيت أم هانئ ، وقال : من المسجد الحرام ؛ لأنّ الحرم كلّه مسجد.
ومعنى قوله : (بارَكْنا حَوْلَهُ) يعني بالثّمار والأنهار ، وقيل : باركنا حوله لما حوله من الأنبياء عليهمالسلام ، ولهذا جعل مقدّسا (٢).
ومعنى (سُبْحانَ) : براءة وتنزيه (٣) ، قال الأعشى :
أقول لمّا جاءني فجره |
|
سبحان من علقمة الفاجر (٤) |
ويسأل عن نصب (سُبْحانَ؟)
والجواب : أنّه نصب على المصدر (٥) إلّا أنّه لا ينصرف ؛ لأنّه جعل اسما للتّسبيح فهو معرفة ، وفي آخره زائدتان ، فجرى مجرى (عثمان) (٦) ونظيره من المصادر (برّة) في أنّه لا
__________________
(١) وهي سورة الإسراء.
(٢) ينظر في هذه المسألة : معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ١٨٤ ، وبحر العلوم : ٢ / ٢٥٨ ، والنكت والعيون : ٣ / ٢٢٥ ، ومعالم التنزيل : ٥ / ٥٧ ـ ٥٨.
(٣) الصحاح : ١ / ٣٧٢ (سبح).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ١٨٤ ، والتبيان في إعراب القرآن : ١ / ٤٩.
(٦) ينظر الخصائص : ٢ / ١٩٨ ، ومشكل إعراب القرآن : ١ / ٤٢٧.