قوله تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) [الإسراء : ١٣].
الإنسان يقع على المذكّر والمؤنّث ، فإن أردت الفصل قلت : للمذكّر (رجل) وللمؤنّث (امرأة) ، ومثل ذلك : فرس ، هذا مشترك ، فإن أردت الفصل قلت : (حصان) و (مهر) وفي الهماليج (برذون) و (زمكة) (١) ، وكذلك : بعير ، يقع على المذكّر والمؤنّث ، فان فصلت قلت : (جمل) و (ناقة).
واشتقاق الإنسان : من الإنس أو الأنس. وهو (فعلان) من ذلك ، هذا مذهب البصريين.
وقال الكوفيون : هو من النّسيان ، وأصله (إنسيان) حذفت الياء منه استخفافا ، واحتجّوا على ذلك بقول العرب (أنيسيان) ، وهذه الياء عند البصريين زائدة ، وهذا التّصغير شاذّ ، ومثله عندهم عشيشية ومغيربان الشّمس ولييلية في أشباه ذلك (٢).
والطّائر هاهنا : عمل الإنسان (٣) ، شبّه بالطّائر الّذي يسنح ويتبرك به (٤) ، والطّائر الّذي يبرح فيتشاءم به ، والسّانح : الذي يجعل ميامنه إلى مياسرك ، والبارح الذي يجعل مياسره إلى ميامنك (٥) ، والأصل في هذا أنّه كان سانحا أمكن الرائي ، وإذا كان بارحا لم يمكنه ، وإنّما خاطب الله تعالى العرب على عادتهم وما يعرفونه (٦).
قال ابن عبّاس ومجاهد وقتادة : طائره عمله (٧).
ويقال : لم قال : (أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) ولم يقل في يده؟
__________________
(١) الهملاج : حسن سير الدابة في السرعة. البرذون : الدّابة. ينظر الصحاح : ١ / ٣٥١ (هملج) ، و ٥ / ٢٠٧٨ (برذن). والزمكة : السريع الغضب. اللسان : ١٠ / ٤٣٦ (زمك).
(٢) ينظر العين : ٧ / ٣٠٤ (شي) ، ومجمع البيان : ٦ / ٢٢٨ ، وشرح شافيه ابن الحاجب : ١ / ٢٧٤ ، واللسان : ٦ / ١١ (نسي).
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ١١٨.
(٤) العين : ٣ / ١٤٥ (سنح) ، ومجمع البيان : ٦ / ٢٢٨.
(٥) الصحاح : ١ / ٣٥٦ (برح).
(٦) ينظر معالم التنزيل : ٥ / ٨٢.
(٧) تفسير القرآن للصنعاني : ٢ / ٣٧٤.