قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [يوسف : ١١٠].
الاستيئاس : استفعال من اليأس وهو انقطاع الطّمع (١). والظّنّ : قوة أحد النّقيضين (٢).
قرأ عاصم وحمزة والكسائي (كُذِبُوا) بالتّخفيف ، وقرأ الباقون كذبُوا (٣) ، وقرئ في الشّواذ (كُذِبُوا)(٤).
فمعنى قراءة من خفّف : أن الأمم ظنّت أن الرّسل كذبوهم فيما أخبروهم به من نصر الله لهم وإهلاك أعدائهم ، وهو قول ابن عبّاس وابن مسعود وابن جبير ومجاهد وابن زيد والضحاك.
وأما من شدّد فالمعنى : أن الرسل أيقنوا أن الأمم قد كذبوهم تكذيبا عمّهم حتى لا يفلح فيهم أحد ، وهو قول الحسن وقتادة وعائشة. والظّنّ على القول الأول بمعنى الشّك ، وعلى القول الثاني بمعنى اليقين.
وأمّا من قرأ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كذبُوا فالضّمير في (ظَنُّوا) عائد على الكفار وفي كذبُوا عائد على الرّسل ـ عليهمالسلام ، وهو قول عائشة وهذه القراءة تروى عنها (٥).
ومن سورة الرّعد
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) [الرعد : ٢].
والعمد والعمد جميعا بمعنى ، واحدها (عمود) ، إلا أنّ (عمدا) جمع (عمود) و (عمدا) اسم للجمع ، ومثله : أديم وأدم ، وإهاب وأهب (٦).
__________________
(١) تاج العروس : ٤ / ١٠٤.
(٢) العين : ٨ / ١٥١ (ظن).
(٣) السّبعة : ٣٥١ ـ ٣٥٢ ، والمبسوط : ٢٤٨ ، والبدور الزاهرة : ٢٩٨.
(٤) مختصر في شواذ القراءات : ٦٥.
(٥) فصّل القول في معاني هذه القراءات : الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٥٦ ، والزّجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ١٠٨ ، والنّحاس في إعراب القرآن : ٢ / ١٦١ ، وابن خالويه في الحجة في علل القراءات السبع : ١٩٩ ، وأبو زرعة في حجة القراءات : ٣٦٦.
(٦) ينظر مجاز القرآن : ١ / ٣٢٠ ، والصحاح : ٢ / ٥١١ (عمد).