وقال الحسن : لم يكونوا أنبياء في ذلك الوقت ، وإنما أعطوا النبوة بعد ذلك (١).
قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي) [٤٣ / ظ] (كُنَّا فِيها) [يوسف : ٨٢].
العير : جماعة القافلة إذا كان فيها حمير ، وقيل : إن قافلة الإبل سميت عيرا على التّشبيه بذلك ، والعير ـ بفتح العين ـ الحمار (٢).
والقرية هاهنا مصر ، وهو قول ابن عبّاس والحسن وقتادة (٣).
وكان الأصل : واسأل أهل القرية وأهل العير ، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه للإيجاز ؛ لأنّ المعنى مفهوم (٤).
وقيل : ليس في الكلام حذف ؛ لأن يعقوب عليهالسلام نبيّ يجوز أن تخرق له العادة وتكلّمه القرية والعير (٥).
قوله تعالى :
(قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) [يوسف : ٩٨].
الاستغفار : طلب المغفرة (٦).
وممّا يسأل عنه أن يقال : لم أخر يعقوب عليهالسلام الدّعاء لولده مع محبّته إصلاح حالهم؟ وعن هذا أجوبة :
أحدها : أنه أخّرهم إلى السحر ؛ لأنه أقرب إلى الإجابة ، وهو قول ابن مسعود وإبراهيم التّميمي وابن جريج وعمرو بن قيس.
وقيل : أخرهم إلى يوم الجمعة ، وهو قول ابن عبّاس رواه عن النّبي صلىاللهعليهوسلم.
وقيل : سألوه أن يستغفر لهم دائما ، فلذلك قال : (سَوْفَ).
وقيل : أخرّ ذلك لحنكته واجتماع رأيه ؛ لينبّههم على عظيم ما فعلوه ، ويردعهم ، ألا ترى أن يوسف لحداثة سنّه كيف لم يؤخّر بل قال اليوم يغفر الله لكم (٧).
__________________
(١) ينظر الجواهر الحسان : ٣ / ٣١١.
(٢) الصحاح : ٢ / ٧٦٢ ـ ٧٦٣ (عير).
(٣) بحر العلوم : ٢ / ١٧٣.
(٤) ينظر الكتاب : ١ / ١٠٨ ، ومعاني القرآن للفراء : ١ / ٦١ ، ومعاني القرآن للأخفش : ٢ / ٣٤٥ ، والمقتضب : ٣ / ٢٣٠.
(٥) ذكر هذا الرأي الماوردي في النكت والعيون : ٣ / ٦٨.
(٦) اللسان : ٥ / ٢٥ (غفر).
(٧) جامع البيان : ١٣ / ٨٥ ، والنكت والعيون : ٣ / ٨٠ ، والدر المنثور : ٤ / ٣٦.