أحدهما : أن يكون المعنى : جزاؤه استرقاق من وجد في رحله ، فهذا الجزاء جزاؤه ، كما تقول : جزاء السّارق القطع.
والثاني : أن يكون المعنى : جزاؤه من وجد في رحله فالسّارق جزاؤه ، فيكون مبتدأ ثانيا والفاء جواب الجزاء والجملة خبر (مَنْ)(١).
ويجوز في (مَنْ) وجهان :
أحدهما : أن يكون خبرا بمعنى (الّذي) ، كأنه قال : جزاؤه الّذي وجد في رحله مسترقا ، وينصب (مسترقا) على الحال.
والثاني : أن يكون شرطا ، كأنه قال : جزاء السّرق إن وجد في رحل رجل منّا فالموجود في رحله جزاؤه استرقاقا (٢).
قوله تعالى : (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ) [يوسف : ٧٧].
يسأل عن قوله تعالى : (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) كيف نسبوا السّرق إلى يوسف عليهالسلام؟
والجواب : أن سعيد بن جبير وقتادة وابن جريج قالوا : سرق يوسف صنما كان لجده أبي أمّه ، فكسره وألقاه على الطريق.
وقيل : أنه كان يسرق من طعام المائدة ويعطيه للمساكين.
وقال ابن إسحاق : إن جدته خبأت في ثيابه (منطقة) إسحاق لتملكه بالسّرقة ؛ محبّة لمقامه عندها (٣).
ويسأل عن (الهاء) في قوله : (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ؟)
والجواب : أنه أسرّ قوله : (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً ،) أي : ممّن قلتم له هذا (٤) ، وهو قول ابن عبّاس والحسن وقتادة. وأنّث ؛ لأنّه أراد الكلمة (٥).
__________________
(١) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٩٩ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١٥٠.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٥٢ ، ومشكل إعراب القرآن : ١ / ٣٩.
(٣) جامع البيان : ١٣ / ٣٨ ، وفتح القدير : ٢ / ٤٧.
(٤) معاني القرآن للنحاس : ٣ / ٤٥٠.
(٥) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٥٢.