وقال ابن عبّاس مرة أخرى : كان رجلا حكيما ، وكذلك قال عكرمة ومجاهد ، وروي مثل ذلك [٤٣ / و] عن سعيد بن جبير والحسن وقتادة ، وروي عن مجاهد أيضا أنّ الشّاهد قدّ القميص (١).
و (مِنْ) في قوله : (مِنْ قُبُلٍ) لابتداء الغاية ، أي : كان القدّ من هنالك.
و (مِنْ) في قوله : (مِنَ الْكاذِبِينَ) للتبعيض (٢).
قوله تعالى : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) [يوسف : ٣٥].
بدا : ظهر وفاعله مضمر ، تقديره : ثم بدا لهم بداء ليسجننّه.
ودلّ (لَيَسْجُنُنَّهُ) عليه (٣).
قوله تعالى : (قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) [يوسف : ٧٥].
الظّلم : وضع الشّيء في غير موضعه (٤) ، ومن كلامهم : (من أشبه أباه فما ظلم) (٥) ، أي :
ما وضع الشّبه في غير مكانه ، ومن هذا يقال : سقاء مظلوم ، إذا لم يرب ، ومنه سمي النّقص. ظلما ، قال الله تعالى : (وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) [الكهف : ٣٣].
ويسأل عن معنى قوله : (جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) [يوسف : ٧٥]؟
والجواب : أن معناه : جزاء من وجد في رحله أخذه رقا فهو جزاؤه عندنا.
كجزائه عندكم ، وذلك أنه كان من عادتهم أن يسترقوا السّارق ، وهو قول الحسن ومعمر وابن إسحاق والسّدي ، فهذا تقدير المعنى (٦).
فأمّا الإعراب فيحتمل وجهين :
__________________
(١) معاني القرآن للنحاس : ٣ / ٤١٧.
(٢) ينظر حروف المعاني للزجاجي : ٥٠ ، ومعاني الحروف للرماني : ١٦٥.
(٣) هذا الرأي لسيبويه في الكتاب : ١ / ٤٥٦.
(٤) الصحاح : ٥ / ١٩٧٧ (ظلم).
(٥) هذا مثل يضرب في تقارب الشّبه ، ينظر مجمع الأمثال : ٢ / ٣٠٠ ، والمستقصى في أمثال العرب : ٢ / ٣٥٣.
(٦) ينظر معاني القرآن للنحاس : ٣ / ٤٤٨ ، وأحكام القرآن : ٣ / ٢٢٧ ، والتبيان في تفسير القرآن : ٦ / ١٧٣.