قوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) [يوسف : ٢٤].
الهمّ : مقاربة الشّيء من غير دخول فيه (١).
واختلف في معناه هاهنا (٢) :
فقال بعضهم : همّت المرأة بالعزيمة على ذلك ، وهمّ يوسف لشدّة المحبة من جهة الشّهوة ؛ وهو قول الحسن.
وقال غيره : همّا بالشهوة.
وقال بعض المفسرين : همّت به أي عزمت ، وهم بها أي : بضربها.
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : ما البرهان الذي رآه؟
والجواب : أن ابن عبّاس والحسن وسعيد بن جبير ومجاهدا قالوا : رأى صورة يعقوب عليهالسلام عاضّا على أنامله.
وقال قتادة : نودي يا يوسف ، أنت مكتوب في الأنبياء وتعمل عمل السّفهاء ، وروي عن ابن عبّاس أنه قال : رأى ملكا (٣).
قوله تعالى : (قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ) [يوسف : ٢٦].
المراودة والإرادة من أصل واحد (٤). واختلف في الشّاهد :
فقيل : كان صبيا في المهد ، وهو قول ابن عبّاس ، وأبي هريرة وسعيد بن جبير ، وهو أحد من تكلّم في المهد (٥).
__________________
(١) العين : ٣ / ٣٥٧ (همم).
(٢) ينظر هذه المعاني وغيرها في : تأويل مشكل القرآن : ٤٠٤ ، وجامع البيان : ١٢ / ١٠٩ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٨٢. ومعاني القرآن للنحاس : ٣ / ٤١٣ ، وبحر العلوم : ٢ / ١٥٧ ، والنكت والعيون : ٣ / ٢٣ ، ومعالم التنزيل : ٤ / ٢٢٩.
(٣) جامع البيان : ١٢ / ١١٠ ـ ١١٤ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٨٢.
(٤) الصحاح : ٢ / ٤٧٨ (رود).
(٥) روى هذا الأثر الطبري في جامع البيان : ١٢ / ١١٥ ، والنّحاس في معاني القرآن : ٣ / ٤١٦.