والثاني : ليدلّ أنّه رآهم ورأى سجودهم له (١).
وقيل في معنى السّجود هاهنا : أنّه سجود التّكرمة ، وقيل سجود الخضوع (٢).
ويسأل عن العامل في (إِذْ؟)
والجواب : أنّه فعل مضمر ، كأنّه قال : اذكر إذ قال يوسف ، وقال الزّجاج : العامل فيه (نَقُصُ) أي : نقصّ عليك إذ قال يوسف (٣) ، وهذا وهم ؛ لأنّ الله تعالى لم يقصّ على نبيه عليهالسلام هذا القصص وقت قول يوسف.
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : لم قال : (ساجِدِينَ) بالياء والنّون ، وهذا الجمع لمن يعقل ، ولا يكون لما لا يعقل؟
والجواب : أنه لمّا أخبر عنهم بالسّجود الّذي لا يكون إلا لمن يعقل أجراهم مجرى من يعقل (٤) ، كما قال : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) [النمل : ١٨] ، أمروا كما أمر من يعقل.
وقرأ ابن عامر يا أَبت بالفتح ، وقرأ الباقون بالكسر (٥) ، ووقف ابن كثير يا أبه بالهاء ، ووقف الباقون على التّاء (٦).
فوجه قراءة ابن عامر أنّه أراد (الألف) فحذفها واكتفى منها بالفتحة ، وهذه الألف بدل من ياء. وأمّا الكسر فعلى أنّه أراد الإضافة إلى النّفس ، فحذف اليّاء واكتفى منها بالكسر (٧).
وأجاز الفراء (يا أبت) والتّاء عوض من ياء المتكلم المحذوفة (٨).
__________________
(١) النكت والعيون : ٣ / ٧.
(٢) ينظر المصدر السابق.
(٣) معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٧١.
(٤) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٥ ، ومعاني القرآن للأخفش : ٢ / ٣٣٢ ، ومعالم التنزيل : ٤ / ٢١٣.
(٥) الروضة : ٥٨٦ ، والبدور الزاهرة : ٢٨٨ ، ومصطلح الإشارات : ٢٧٣.
(٦) السّبعة : ٣٤٤ ، والتبصرة : ٥٤٤.
(٧) ينظر كشف المشكلات : ١ / ٥٤٢ ، والحجة في علل القراءات السبع : ١٩٢.
(٨) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٢.