ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ، وقرأ الباقون (إِلَّا امْرَأَتَكَ) بالنّصب (١) على الأصل في الاستثناء من أحد.
شيئين : إمّا من الأهل ، وإمّا من أحد ، فالتّقدير الأول : فاسر بأهلك إلّا امرأتك فهذا استثناء من موجب ، والتّقدير الثّاني : ولا يلتفت منكم أحد إلّا امرأتك ، وهذا استثناء من منفي به.
قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) [هود : ١٠٦].
الشّقاء والشّقاوة والشّقوة بمعنى ، والياء في شقيّ منقلبة عن واو (٢).
والزّفير : ترديد الصّوت من الحزن ، وأصله : الشّدة ، من قولهم مزفور للشديد الخلق ، وزفرت النّار إذا سمع لها صوت من شدة توقدها (٣).
والشّهيق : صوت فظيع يخرج من الجوف بمدّ النّفس (٤) ، ويقال : الزّفير أوّل نهاق الحمار والشهيق آخره (٥).
والخلود : البقاء في أمد مّا ، والفرق بين الخلود والدّوام : أنّ الدائم الباقي أبدا ، والخالد الباقي في أمد مّا ، ولذلك يوصف القديم تعالى بأنّه دائم ولا يوصف بأنه خالد (٦).
السّعادة ضد الشّقاوة. والجذّ : القطع ، قال النّابغة (٧) :
تجذّ السّلوقيّ المضاعف نسجه |
|
ويوقده بالصّفّاح نار الحباحب |
واختلف في تأويل هاتين الآيتين ، وهما من أشد ما في القرآن إشكالا ، والكلام فيهما يأتي على ضربين :
أحدهما : على معنى الاستثناء.
والثاني : على معنى تحديد الخلود بدوام السّموات والأرض (٨).
__________________
(١) ينظر المبسوط : ٢٤١ ، والبدور الزاهرة : ٢٨٤ ، وقراءة الأعمش في مصطلح الإشارات : ٢٦٩ ، والإتحاف : ٢٥٩.
(٢) العين : ٥ / ١٨٤ (شقا).
(٣) ينظر مجمل اللغة : ١ / ٤٣٦ ، والصحاح : ٢ / ٦٧٠ (زفر).
(٤) الصحاح : ٤ / ١٥٠٥ (شهق).
(٥) ينظر الصحاح : ٢ / ٦٧٠ (زفر) ، ومعالم التنزيل : ٤ / ٢٠٠.
(٦) ينظر الفروق اللغوية : ٢٤٠ ، وتفسير أسماء الله الحسنى : ٦٤.
(٧) ديوانه : ١١ ، وهو من شواهد النّحاس في إعراب القرآن : ٢ / ١١٣.
(٨) فصّل القول في هذه المسألة ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : ٧٦ ـ ٧٨.