قال ابن زيد بن أسلم : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) [هود : ١٠٧] استثناء في الزّيادة من العذاب لأهل النّار ، والزّيادة من النّعيم لأهل الجنّة ، وقد بيّنه بقوله تعالى : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) [هود : ١٠٨] ، و (إِلَّا) على هذا بمعنى (سوى).
قال قتادة : الله أعلم بثنياه ، ذكر لنا ناسا يصيبهم سفع من النّار بذنوبهم ، ثم يدخلهم الجنّة برحمته ، يسمون (الجهنّميين) (١) ، والاستثناء على هذا متصل من الموحدين الّذين هم من أمّة محمد صلىاللهعليهوسلم.
العاصين ، قال : وهم الّذين أنفذ فيهم الوعيد ثم أخرجوا بالشّفاعة و (أَمَّا) على هذا القول بمعنى (من) كما قال تعالى : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) [الجمعة : ١] ، وكما تقول العرب إذا سمعت الرّعد : سبحان ما سبّحت له.
قال الفرّاء والزّجاج (٢) وغيرهما : هو استثناء من الزّيادة في الخلود لأهل النّار ولأهل الجنّة ، و (إِلَّا) بمعنى (سوى) ، حكى سيبويه (٣) : لو كان معنا رجل إلّا زيد لهلكنا ؛ أي : سوى.
وقيل : المعنى إلّا من شاء ربّك أن يتجاوز عنه ، وهو استثناء من الجنس ، وهذا كقول قتادة (٤).
وقيل : إنّ (أَمَّا) بمعنى (من) [٤١ / و] والاستثناء من الأعيان ، والتّقدير : إلّا من شاء ربّك أن يخرجه بتوحيده من النّار ويدخله الجنّة ، وإلا من شاء ربّك من أهل الجنّة ممن يدخله النّار بذنوبه وإصراره ثم يخرجه منها ، وهو أيضا كقول قتادة (٥).
وروي عن السّدي أنّه قال : الاستثناء لأهل الشّقاء هو لأهل التوحيد الّذين يدخلون النّار فلا يدومون فيها مع أهلها بل يخرجون منها إلى الجنة ، وفي أهل السّعادة استثناء مما يقضي لأهل التوحيد المخرجين من النّار ، فالاستثناء لأهل الشّقاء على هذا من الأعيان ،
__________________
(١) نصّ الحديث كما في صحيح البخاري : ٨ / ١٤٣ «عن أنس بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : يخرج قوم من النّار بعد ما مسهم منها سفع فيدخلون الجنّة فيسميهم أهل الجنة الجهنميين».
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٨ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٦٥.
(٣) الكتاب : ٢ / ٣٣١.
(٤) معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٦٥.
(٥) حجّه الطبري في جامع البيان : ١٢ / ١٥٣.