بالظّرف الّذي هو (وَراءِ) وهو قياس قول أبي بالحسن الأخفش (١).
قوله تعالى : (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) [هود :
٧٢].
البعل : الزّوج ، وأصله القائم بالأمر ، ومن هذا قيل للنّخل بعل ، وهو الّذي استغنى عن سقي الأنهار العيون بماء السّماء ؛ لأنّه قائم بأمره في استغنائه عن تكلّف السّقي.
وبعل اسم صنم (٢) ، ومنها قوله تعالى : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) [الصافات : ١٢٥].
والعجيب والعجاب بمعنى واحد ، قال ابن إسحاق : كان لإبراهيم عليهالسلام حين بشّر بإسحاق ويعقوب مئة وعشرون سنة ولسارة تسعون سنة (٣).
ويسأل عن النصب في قوله : (شَيْخاً؟)
والجواب : أنه منصوب على الحال ، والعامل فيه معنى التّنبيه الّذي في (ها) ، كأنّه قال :
انتبه وانظر. وإن شئت جعلت العامل فيه معنى الإشارة ، أي : أشرت إليه شيخا. وإن شئت أعملت فيه مجموعهما (٤). وكذا ما جرى مجراه ، تقول : هذا زيد مقبلا ، ولا يجوز : مقبلا هذا زيد ؛ لأن العامل غير متصرف ، فإن قلت : ها مقبلا ذا زيد ، وجعلت العامل معنى الإشارة لم يجز ، وإن جعلت العامل معنى التّنبيه جاز (٥).
ويجوز الرّفع في (شَيْخاً) من خمسة أوجه (٦) :
أحدها : أن تجعل (شَيْخاً) بدلا من (بَعْلِي ،) كأنّك قلت : هذا شيخ.
والثاني : أن يكون (بَعْلِي) بدلا من (هذا) و (شيخ) خبر المبتدأ.
والثالث : أن يكون (بعلي) و (شيخ) جميعا خبرا عن (هذا) ، كما تقول : هذا حلو
__________________
(١) ينظر الحجة في القراءات : ٤ / ٣٦٤ ـ ٣٦٧.
(٢) ينظر العين : ٢ / ١٤٩ ـ ١٥٠ (بعل) ، واللسان : ١١ / ٥٩ (بعل).
(٣) ينظر معاني القرآن للنحاس : ٣ / ٣٦٥.
(٤) ينظر الكتاب : ١ / ٢٥٨ ، والمقتضب : ٤ / ١٦٨ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٥٢ ، والأصول : ١ / ٢١٨ ، ومشكل إعراب القرآن : ١ / ٣٧٠.
(٥) ينظر الكتاب : ١ / ٢٧٧.
(٦) ينظر الكتاب : ١ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٥٣ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١٠٢.