بنبي بين نبيين ، وهو (إسحاق) أبوه نبي ، وابنه نبي.
فأمّا من قرأ «من وراء إسحاق يعقوب» (١) ، فإنّه نصب بإضمار فعل يدلّ عليه (بشّرنا) كأنّه قال : ومن وراء إسحاق وهبنا لها يعقوب (٢). وأجاز بعضهم أن يكون معطوفا على (بِإِسْحاقَ ،) كأنّه قال : فبشّرناها بإسحاق ويعقوب من وراء إسحاق (٣). قالوا : والوراء بمعنى الولد (٤) ، والظّاهر في الكلام أن وراء بمعنى خلف.
ومنع أكثر النّحويين (٥) العطف هاهنا ؛ لأنّه لا يجوز العطف على عاملين مع تأخره عن حرف العطف ، فلا يجوز : مررت بزيد في الدار والبيت عمرو ، وكذا إن قلت : مررت بزيد في الدّار وفي البيت عمرو.
وإنما لم يجز العطف على عاملين ؛ لأنّه أضعف من العامل الذي قام مقامه ، وهو لا يجرّ ولا ينصب ، أعني [٤٠ / و] حرف العطف (٦).
وأجازه الأخفش (٧) ، وأنشد :
سألت الفتى المكّيّ ذا العلم ما الّذي |
|
يحلّ من التّقبيل في رمضان |
فقال لي المكيّ أمّا لزوجة |
|
فسبع وأمّا خلّة فثمان |
قرأ حمزة وابن عامر (٨) وحفص عن عاصم (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) نصبا على ما ذكرناه من إضمار فعل ، أو على أنّه في موضع جر ، وهو مذهب الأخفش.
وقرأ الباقون رفعا (٩) على الابتداء (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ) الخبر ، ويجوز أن ترفعه
__________________
(١) وهي قراءة ابن عامر وحمزة وحفص. ينظر السبعة : ٣٣٨ ، والروضة : ٥٨٢ ، والتيسير : ١٢٥.
(٢) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١٠٢ ، وزاد المسير : ٤ / ١٠٤.
(٣) مشكل إعراب القرآن : ١ / ٣٦٩ ، ونسبه مكي للكسائي.
(٤) اختار هذا القول النّحاس في معاني القرآن : ٣ / ٤٦٤ ، ونسبه السمرقندي في تفسيره : ٢ / ١٣٥ إلى الشعبي.
(٥) منهم : سيبويه في الكتاب : ١ / ٤٨ ، والفراء في معاني القرآن : ٢ / ٢٢ ، وابن خالويه في الحجة : ١٨٩ ، والفارسي في البصريات : ٢ / ٧٧٥.
(٦) ينظر الخصائص : ٢ / ٣٩٥. ولم أقف على قائل الأبيات فيما توافر لي من مصادر.
(٧) في معاني القرآن : ٢ / ٣٩٥.
(٨) ابن عامر هو : عبد الله بن عامر بن يزيد اليحصبي ، التابعي ، أحد القراء السبعة (ت ١١٨ ه). ينظر طبقات ابن الخياط : ٣١١ ، ومعرفة القراء الكبار : ١ / ٨٢. والقراءة في الكشف : ١ / ٥٣٤ ، والإقناع : ٢ / ٦٦٦.
(٩) المبسوط : ٢٤١ ، والنشر : ٢ / ٢٩٠.