نلقيك بنجوة من الأرض. والنّجوة ما أرتفع من الأرض (١) ، قال الشّاعر :
فمن بنجوته كمن بعقوته |
|
والمستكن كمن يمشي بقرواح (٢) |
وقوله : (بِبَدَنِكَ) أي : بدرعك ، والدّرع يسمى بدنا.
قال غيره : المعنى ببدنك دون روحك (٣).
قوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) [يونس :
٩٨]. القرية مأخوذ من قريت الماء إذا جمعته (٤) ، والخزي : الهوان والوضع من القدر وأصله العيب (٥).
ويسأل عن (فَلَوْ لا؟) وفيها جوابان :
أحدهما : أنها بمعنى (هلّا) (٦) يكون تحضيضا ، نحو قول الشاعر (٧) :
تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم |
|
بني ضوطري لو لا الكمي المقنّعا |
ويكون تأنيبا ، نحو قولك : لو لا امتنعت من الفساد ، كما تقول : هلّا ، والمعنى على هذا : هلا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس (٨) ، والأصل : فلو لا كان أهل قرية ، فحذف (٩).
__________________
(١) لم أقف على قول المبرد في كتبه ، ولكن قال بهذا : أبو عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٢٨١ ، والأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٣٤٨ ، والماوردي في النكت والعيون : ٢ / ٤٤٩ ، والبغوي في معالم التنزيل : ٤ / ١٤٩.
(٢) البيت لعبيد بن الأبرص : ديوانه : ٣٦. ويروى الأوس بن حجر كما في التبيان في تفسير القرآن : ٣ / ٣٢٦ ، ومجمع البيان : ٥ / ٢٢٢. العقوة : الساحة وما حول الدار والمحلة. العين : ٢ / ١٧٥ (عقو). القراح : البارز الذي ليس يستره من السماء شيء. الصحاح : ١ / ٣٩٦ (قرح).
(٣) ينظر معاني القرآن للنحاس : ٣ / ٣١٥.
(٤) الصحاح : ٦ / ٢٤٦١ (قرا).
(٥) الصحاح : ٦ / ٢٣٢٦ (خزا).
(٦) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٤٧٩ ، وجامع البيان : ١١ / ٢٢٠ ، والجامع لأحكام القرآن : ٨ / ٣٨٣.
(٧) البيت لجرير يهجو به الفرزدق ، ديوانه : ٣٣٨. ويروى للأشهب ابن رميلة كما في جامع البيان : ١ / ٧١٦.
النّيب : الناقة المسنّة. العين : ٨ / ٣٨١ (ناب). الكمي : الشجاع. اللسان : ١٥ / ٢٣٢ (كمي).
ضوطري : الرجل الضخم اللئيم الذي لا غناء عنده. وقيل الحمقى. الصحاح : ٢ / ٧٢١ (ضطر).
المقنع : الذي على رأسه البيضة والمغفر. اللسان : ٨ / ٣٠١ (قنع).
(٨) معالم التنزيل : ٤ / ١٥١.
(٩) مشكل إعراب القرآن : ١ / ٣٥٤.