فقال الفراء : هو نصب بإضمار فعل ، كأنه قال : وادعوا شركاءكم ، وقال : كذا هو في مصحف أبي (١).
وقال غيره : أضمر (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ ؛) لأنّ (أجمعوا) يدل عليه (٢).
وروى الأصمعي : أنه سمع نافعا يقرأ (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ)(٣) ، فهذا يدلّ على هذا الإضمار.
ويقال : أجمعت الأمر وجمعت الأمر وأجمعت عليه.
وذهب المحققون من أصحابنا إلى أنه مفعول معه تقديره : مع شركائكم (٤) ، كما أنشد سيبويه :
فكونوا أنتم وبني أبيكم |
|
مكان الكليتين من الطّحال (٥) |
ويدلّ على صحّة هذا القول قراءة الحسن (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ)(٦) فعطف على المضمر في (أجمعوا) ، وحسن العطف عليه ؛ لأنّ الفصل قام مقام التّوكيد (٧).
قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) [يونس : ٩٢].
اختلف في قوله : (نُنَجِّيكَ).
فقال أكثر المفسرين : معنى ننجيك نخلّصك ببدنك أي : بجسمك (٨) ؛ لأنه لو سلّط عليه دوابّ البحر فأكلته لادّعى قومه أنّه لم يمت ، فالمعنى على هذا : نخرجك ببدنك بعد موتك.
وقال أبو العبّاس المبرد : النّاس يغلطون في هذا ، [٣٨ / و] إنما المعنى في (نُنَجِّيكَ)
__________________
(١) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٤٧٣ ، وتأويل مشكل القرآن : ٢١٣.
(٢) معاني القرآن للنحاس : ٢ / ٦٨.
(٣) ينظر المحتسب : ١ / ٣١٤.
(٤) هذا رأي الزّجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢٣.
(٥) البيت من شواهد سيبويه في الكتاب : ١ / ١٥٠ ، وثعلب في مجالسه : ١٠٣ ، والطبرسي في مجمع البيان : ٥ / ٢١٠.
(٦) ينظر معاني القرآن للنحاس : ٣ / ٣٠٦ ، والمبسوط : ٢٣٥ ، والمحتسب : ١ / ٣١٤.
(٧) هذا القول الأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٣٤٦ ، والزّجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢٤.
(٨) تفسير مجاهد : ١ / ٢٩٧ ، وجامع البيان : ١١ / ٢١٤ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٣ / ٣١٥ ، والمفردات في غريب القرآن : ٣٩ ، والجامع لأحكام القرآن : ٨ / ٣٨٠.