ويسأل : لم كسرت (إِنَ) هاهنا؟
والجواب : أنها كسرت للاستئناف بالتّذكير لما ينفي الحزن (١) ، ولا يجوز أن تكون كسرت لأنها وقعت بعد القول ؛ لأنه يصير حكاية عنهم ، وأن النبي عليهالسلام يحزن لذلك وهذا كفر (٢).
ويجوز فتحها على تقدير (اللام) كأنه قال : ولا يحزنك قولهم ؛ لأن العزة لله جميعا (٣).
وقد غلط القتبي (٤) في هذا وزعم أنّ فتحها يكون كفرا ، وليس كما ظن ، وسواء فتحت أو كسرت إذا كانت معمولة للقول إلا إذا تعلقت بغير القول ، ولا خلل في القراءة ، ومثل الفتح قول ذي الرمة (٥) :
فما هجرتك النّفس ياميّ أنّها |
|
قلتك ولكن قلّ منك نصيبها |
ولكنّهم يا أملح النّاس أولعوا |
|
بقول إذا ما جئت هذا حبيبها |
وقال القتبي عند ذكر هذه المسألة : إذا قلت هذا قاتل أخي ـ بالتنوين ـ دلّ على أنه لم يقتل ، وإذا قلت هذا قاتل أخي ـ بحذف التّنوين ـ دلّ على أنّه قتل ، وهذا غلط بإجماع من النّحويين (٦) ؛ لأن التنوين قد يحذف وأنت تريد الحال والاستقبال ، قال الله تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) [المائدة : ٩٥] ، يريد : بالغا الكعبة ، وقال : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران : ١٨٥] ، أي : ستذوق.
قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) [يونس : ٧١].
يقال : أجمعت على الأمر ، وأجمعت الأمر ، أي : عزمت عليه (٧).
واختلف في انتصاب قوله : (وَشُرَكاءَكُمْ.)
__________________
(١) ينظر شرح الرضي على الكافية : ٤ / ٣٤١ ، ومعالم التنزيل : ٤ / ١٤٢ ، ومغني اللبيب : ٢ / ٣٨٤.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٤٧١.
(٣) المصدر السّابق.
(٤) ينظر تأويل مشكل القرآن : ٢٠١. والقتبي هو : عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدّينوري (ت ٢٧٦ ه). ينظر نزهة الألبّاء : ١٥٩ ، والبلغة : ١١٦.
(٥) البيتان ليسا في ديوانه المطبوع ، وهما في الحماسة : ٢ / ١١٢ منسوبان إلى نصيب بن رباح. وذو الرمة هو : غيلان بن عقبة بن بهيش ، يكنى أبا الحارث. ينظر جمهرة أشعار العرب : ٤٣٥ ، والشعر والشعراء : ٣٥٦.
(٦) ينظر الكتاب : ١ / ٨٤ ، والمقتضب : ٣ / ٢٢٧ ، والأصول : ١ / ١٢٦ ، وسر صناعة الإعراب : ٢ / ٤٥٧.
(٧) ينظر جمهرة اللغة : ٢ / ١٠٣.