أحدهما : أن يكون معطوفا على المضمر في (بريء) وحسن العطف عليه وإن كان غير مؤكد ؛ لأنّ قوله تعالى : (مِنَ الْمُشْرِكِينَ) قام مقام التّوكيد (١).
والثاني : أن يكون مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : ورسوله بريء أيضا ، ثم حذف الخبر لدلالة خبر (أنّ) عليه (٢).
وذكر سيبويه (٣) وجها ثالثا : وهو أن يكون معطوفا على موضع (أنّ) ، وهذا وهم منه ؛ لأنّ (أنّ) المفتوحة مع ما بعدها في تأويل المصدر ، فقد تغيّرت عن حكم المبتدأ وصارت في حكم (ليت) و (لعل) فكأنّ في إحداثها معنى يفارق المبتدأ ، فكما لا يجوز العطف على مواضعهنّ فكذلك موضع (أنّ) لا يجوز العطف عليه ، وإنّما يجوز العطف على موضع (إنّ) المكسورة ، كما قال الشاعر :
فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإنّي وقيّار بها لغريب (٤) |
ولعلّ سيبويه توهّم أنّها مكسورة فحمل على موضعها ، وقد قرئ في الشّواذ أنَّ اللهَ بالكسر (٥) ، ولعله تأوّل على هذه القراءة.
فأمّا النّصب : فعلى العطف على اللّفظ (٦) ، ومثله قول الرّاجز (٧) :
إنّ الرّبيع الجون والخريفا |
|
يدا أبي العبّاس والصّيوفا |
وأمّا الجر : فحمله قوم على القسم ، وهي قراءة بعيدة شاذة.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [التوبة : ٣٤].
يسأل عن موضع (الَّذِينَ يَكْنِزُونَ) من الإعراب؟ وفيه [٣٦ / ظ] جوابان (٨) :
__________________
(١) إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٤.
(٢) مشكل اعراب القرآن : ١ / ٣٢٣.
(٣) الكتاب : ١ / ٢٨٥.
(٤) البيت من شواهد سيبويه في الكتاب : ١ / ٢٨ ، وثعلب في مجالسه : ١ / ٢٦٢ ، ونسباه إلى ضابئ البرجمي.
(٥) المختصر في شواذ القراءات : ٥١.
(٦) ينظر مشكل إعراب القرآن : ١ / ٣٢٣.
(٧) هو العجاج ، في ملحق ديوانه : ١٧٩ ، وهو من شواهد سيبويه في الكتاب : ١ / ٣٨٥ ، والمبرد في المقتضب : ٤ / ١١١.
(٨) مجمع البيان : ٥ / ٤٦ ، والجامع لأحكام القرآن : ٨ / ١٢٣ ، وينظر إملاء ما منّ به الرحمن : ٢ / ١٤.