واختلف عن مجاهد : فقال مرة بالقولين جميعا (١) ، وقال مرة : أيّامها كلّها (٢) ، ويروى مثل ذلك عن سفيان (٣) ، وبالقول الأول أخذ أبو حنيفة ، ويروى مثله عن ابن الزبير (٤).
فصل :
ويسأل عن قوله تعالى : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) بم ارتفع؟
وفيه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنّه معطوف على (براءة) ، وهو قول الفراء (٥) والزجاج (٦).
والجواب الثاني : أنّه مبتدأ والخبر محذوف ، أي : عليكم أذان من الله ، وفيه معنى الأمر ، وهذا قول علي بن عيسى (٧).
والثالث : أنّه مبتدأ والخبر قوله : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ،) على حذف الباء (٨) ، كأنّه قال : بأنّ الله.
وعلى الوجهين الأولين يكون موضع (أن) نصبا على أنّه مفعول له.
وقرأت القرّاء وَرَسُوله بالرّفع (٩) ، وقرأ عيسى بن عمر وَرَسُوله.
بالنّصب (١٠) ، وقرأ بعض أهل البدو (وَرَسُولِهِ) بالجر (١١).
فأمّا الرّفع فمن وجهين :
__________________
(١) تفسير مجاهد : ٢ / ٧٤٥.
(٢) المصدر السابق : ١ / ٢٧٢.
(٣) هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري (ت ٦١ ه). ينظر الفهرست : ١ / ٢٢٥ ، وتهذيب التهذيب : ٤ / ١١١.
(٤) ينظر أحكام القرآن : ١ / ٣٥٧.
(٥) معاني القرآن للفراء : ١ / ٤٢٠.
(٦) معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ٣٤٦.
(٧) ينظر كشف المشكلات : ١ / ٤٩٧ ، والمجيد : (تحقيق : إبراهيم) : ٣٩٣.
(٨) معاني القرآن للأخفش : ١ / ٣٢٢ ، وينظر مشكل إعراب القرآن : ١ / ٣٢٢.
(٩) المبسوط : ٢٢٥ ، والبحر المحيط : ٥ / ٦ ، وهي قراءة الجمهور.
(١٠) المختصر في شواذ القراءات : ٥١ ، والمستنير : ٣٦٥.
(١١) قراءة شاذة ، وهي مروية عن الحسن. الجامع لأحكام القرآن : ٨ / ٧١ ، والبحر المحيط : ٥ / ٦ ، والدر المنثور : ٣ / ٢١٢.