والجواب السادس : للزجاج قال : أوجب لهم النّار بقوله (النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها) ومقامهم في الحشر والوقوف للمحاسبة ليس هم في نار (١). وهو كالجواب الذي قبله.
والجواب السابع : أنّه على الزّمان الذي هم فيه من قيام في المحشر إلى أن يدخلوا النّار ، وهو استثناء من الخلود فيها وهو متصل.
والجواب الثامن : للزجاج أيضا وجماعة معه (٢) قالوا : الاستثناء في الزّيادة من العذاب لهم ، أي : إلّا ما شاء الله من الزّيادة في عذابهم ، والاستثناء على هذا القول منقطع ، والنّحويون مختلفون في تقديره : سيبويه يقدره ب : (لكن) وكذلك جميع أصحابه (٣) ، والفراء (٤) يقدّره ب : (سوى) وكذا من تابعه.
الجواب التاسع : قاله بعض أصحاب المعاني وهو أنّ (ما) في الآية بمعنى (من) والاستثناء منقطع ، والمعنى : إلّا من شاء الله إخراجه من النّار ، يعني الموحدين الّذين يخرجون بالشّفاعة (٥).
وقيل : بل هو متصل و (ما) بمعنى (من) والتّقدير : إلّا من شاء الله أن يعذبه بأصناف العذاب ، يعني الكفار (٦). والاستثناء في هذين [٣٢ / ظ] الجوابين من الأعيان ، وعلى ما تقدّم قبلها من الأزمان.
و (ما) قد تقع في معنى (من) قال الله تعالى : (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً) [آل عمران : ٣٥] أي : من ، وقال : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [النساء : ٣] وكذلك : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) [الجمعة : ١] وهو كثير ، وحكى أبو زيد أنّ أهل الحجاز كانوا إذا سمعوا الرّعد يقولون : سبحان ما سبّحت له (٧).
__________________
(١) النكت والعيون : ٢ / ١٦٩.
(٢) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ٢٣٦ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ٤٩٠.
(٣) الكتاب السابق.
(٤) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٨.
(٥) قال بهذا الرأي ابن عباس والضحاك ومقاتل وابن قتيبة. ينظر زاد المسير : ٤ / ١٢٥ ، وجواهر الحسان : ٢ / ٥١٧.
(٦) ينظر معالم التنزيل : ٣ / ١٨٩.
(٧) جامع البيان : ٣٠ / ٢٧٥ ، ومجمع البيان : ٩ / ٣٨٢ ، والجامع لأحكام القرآن : ٢٠ / ٧٤.