قال الأعشى (١) :
لقد كان في حول ثواء ثويته |
|
تقضّي لبانات ويسآم سائم |
والخلود : البقاء ، يقال : خلد يخلد خلدا وخلودا ، والرّجل خالد ، والخلد اسم من أسماء الجنّة ، ويقال : أخلد الرّجل إذا أبطأ عنه الشّيب ، وخلد أيضا ، وكذلك أخلد إلى الأرض وخلد ، ويقال : أصاب فلان خلد الأرض إذا وجد كنزا (٢).
وممّا يسأل عنه أي يقال : ما معنى الاستثناء في قوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ)؟
وللعلماء في ذلك عشرة أجوبة :
أحدها : قاله ابن عبّاس وهو أنّه قال : لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله تعالى في خلقه بأنّ لهم جنة ولا نارا (٣) ، وهذا الاستثناء لأهل التّوحيد دون أهل الكفر ، وهو منقطع على هذا القول (٤).
والجواب الثاني : عنه أيضا وهو أنّه لأهل الإيمان ، قال : الخلود البقاء فيها ، ثم استثنى أهل التّوحيد أنّهم لا يخلدون فيها كما يخلّد أهل الكفر ، وإنّما يخلدونها فيقيمون فيها بقدر ذنوبهم ثم يخرجون (٥).
والجواب الثالث : وهو له أيضا قال : قد جعل الله أمد هؤلاء القوم في مبلغ عذابهم إلى مشيئته ، والاستثناء على هذا لأهل الكفر ، وهو متصل (٦).
والجواب الرابع : للفراء (٧) وهو أن العزيمة قد تقدّمت بالخلود وهو لا يشاء تركه.
والجواب الخامس : لمحمد بن جرير (٨) وهو أنّه استثنى الزمان الذي هو مدّة قيامهم من قبورهم إلى أن يصلوا إلى المحشر ؛ لأنّهم حينئذ ليسوا في جنّة ولا نار.
__________________
(١) ديوانه : ١٧٨ ، وهو من شواهد سيبويه في الكتاب : ١ / ٤٢٣ ، والمبرد في المقتضب : ١ / ٢٧ ، وابن هشام في مغني اللبيب : ٢ / ٥٠٦.
(٢) ينظر تهذيب اللغة : ٧ / ٢٧٧.
(٣) تفسير ابن عباس : ٢١٤ ، وجامع البيان : ٨ / ٤٦.
(٤) بحر العلوم : ١ / ٥١٣ ، والجامع لأحكام القرآن : ٧ / ٨٤.
(٥) تفسير ابن عباس : ٢١٤ ، والجامع لأحكام القرآن : ٧ / ٨٤.
(٦) تفسير ابن عباس : ٢١٤ ، وجامع البيان : ٨ / ٤٦.
(٧) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٨.
(٨) الطبري في جامع البيان : ٨ / ٤٥ ـ ٤٦ ، وهو قول النحاس في معاني القرآن : ٢ / ٤٩١.