التّذكير ، كما كانا جميعا على التّأنيث في (الشَّمْسَ بازِغَةً ،) هذا الّذي قاله العلماء ، وعندي (١) أن قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً) إخبار من الله تعالى ، وقوله : (هذا رَبِّي) من كلام إبراهيم عليهالسلام. والشّمس مؤنّثة في كلام العرب (٢) فأمّا في كلام سواهم فيجوز أنّها ليست كذلك ، وإبراهيم عليهالسلام لم يكن عربيا فحكى لنا الله تعالى على ما كان في لغته.
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : لم أنّث الشّمس وذكر القمر؟
والجواب : أنّ تأنيثها تفخيم لها لكثرة ضيائها ، على حد قولهم : نسّابة وعلّامة ، وليس القمر كذلك ؛ لأنّه دونها في الضّياء.
ويقال : لم دخل الألف واللّام فيها وهي واحدة ، ولم يدخل في زيد وعمرو؟
قيل : لأنّ شعاع الشّمس يقع عليه اسم الشّمس ، فاحتيج إلى التّعريف إذا قصد إلى جرم الشّمس أو إلى الشّعاع ، على طريق الجنس أو الواحد من الجنس ، وليس زيد ونحوه كذلك (٣).
قوله تعالى : [٣١ / ظ] : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام : ١٠٩]
يقال : لم أقسموا ، وما الآية الّتي طلبوا؟
والجواب : أنّهم أرادوا أن يتحكّموا على النبي صلىاللهعليهوسلم. بأقسامهم ، وسألوا أن يحول الصّفا ذهبا (٤).
وقيل : سألوا ما ذكره الله تعالى في الآية الأخرى من قوله : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) [الإسراء : ٩٠] ، الآيات (٥).
__________________
(١) ينظر إحالة الطبرسي إلى رأي المجاشعي في مجمع البيان : ٤ / ٩٢.
(٢) المذكر والمؤنث لابن الأنباري : ١ / ٥٠٩.
(٣) مجمع البيان : ٤ / ٩٢.
(٤) ينظر جامع البيان : ٢ / ٨٦ ، وأسباب نزول الآيات : ١٥٠.
(٥) يقصد الآيات التالية لهذه الآية وهي : (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) [الإسراء : ٩٣ ، ٩٠].