والثالث : أنّه صفة عيب قال الفراء (١) معناه : معوج عن الدّين.
وقيل : هو لقب له واسمه تارج.
وهو في هذه الأقوال مجرور الموضع على البدل من (أبيه) ولا ينصرف ؛ لأنّه أعجمي معرفة (٢). وأمّا على قول مجاهد فقال الزّجاج : يكون منصوبا على إضمار فعل دلّ عليه الكلام ، كأنّه قال : أتتخذ آزر إلها أتتخذ أصناما آلهة (٣).
وقرئ في الشّواذ (٤) (آزر) ، وتقديره : وإذ قال إبراهيم لأبيه يا آزر أتتخذ أصناما آلهة (٥). والعامل في (إذ) فعل مضمر تقديره (اذكر).
قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) [الأنعام : ٧٨].
البزوغ : البروز والطّلوع ، يقال : بزغ يبزغ بزوغا (٦). والأفول : الغيبوبة (٧).
وممّا يسأل عنه أن يقال : ما في أفولها من الدّلالة على أنّه لا يجوز عبادتها ، وقد عبدها كثير من النّاس مع العلم بذلك؟
والجواب : أنّ الأفول بعد الطّلوع تغير والتّغيّر صفة نقص ودلالة على أنّ للمغيّر مدبّرا يدبّره ، وأنّه مسخّر محدث ، وما كان بهذه الصّفة وجب أن لا يعبد (٨).
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : لم لم يقل : هذي ربي ، كما قال : (بازِغَةً)؟
والجواب : أنّ التّقدير هذا النّور الطّالع ربي (٩) ، ليكون الخبر والمخبر عنه جميعا على
__________________
(١) معاني القرآن للفراء : ١ / ٣٤٠.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٣٤٠ ، ومعاني القرآن للأخفش : ٢ / ٢٧٨.
(٣) معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ٢١٤ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ٤٤٨.
(٤) وهي قراءة أبي بن كعب وابن عباس والحسن البصري. ينظر المحتسب : ١ / ٢٢٣.
(٥) أي أنّه منادى ، قال بهذا الرأي الفراء في معاني القرآن : ١ / ٣٤٠ ، والأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٢٧٨ ، والأزهري في معاني القراءات : ١ / ٣٦٤.
(٦) العين : ٤ / ٣٨٥ (بزغ). وينظر الفرق بين : بزغ وطلع في الفروق اللغوية : ٩٨.
(٧) اللسان : ١١ / ١٨ (أفل). وينظر الفرق بين : أفل وغاب في الفروق اللغوية : ٦٣.
(٨) ينظر أحكام القرآن : ١ / ٥٥٢ ، والنكت والعيون : ٢ / ١٣٧.
(٩) معاني القرآن للأخفش : ٢ / ٢٨٠ ، وجامع البيان : ٧ / ٣٢٦ ، ونسبه النحاس في إعراب القرآن : ١ / ٥٥٩ إلى الكسائي والفراء.