ومستنّة كأستنان الخرو |
|
ف قد قطع الحبل بالمرود |
أي : وفيه المرود ، يعني هذه صفته. [٢٧ / ظ]
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [المائدة : ٦٩].
يسأل عن قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) ثم قال : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ؟)
وفيه جوابان :
أحدهما : أن المعنى آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ، وهم المنافقون ، وهذا قول الزجاج (١).
والثاني : أن المعنى من دام على الإيمان والإخلاص ، ولم يرتد عن الإسلام (٢).
ويسأل عن قوله : (الصَّابِئُونَ؟) وفيه أجوبة :
أحدها : أنّه ارتفع لضعف عمل (إِنَّ ،) وهذا قول الكسائي (٣) ، وقال أيضا يجوز أنّه ارتفع ؛ لأنه معطوف على المضمر في (هادُوا ،) كأنّه قال : هادوا هم والصّابئون (٤).
وفي هذا بعد ؛ لأن الصّابئيّ وهو الخارج عن كل دين عليه أمة عظيمة من النّاس إلى ما عليه فرقة قليلة لا يشارك اليهودي في اليهودية ، ومع ذلك فالعطف على المضمر المرفوع من غير توكيد قبيح ، وإنّما يأتي في ضرورة الشّعر كما قال عمر بن أبي ربيعة (٥) :
قلت إذ أقبلت وزهر تهادى |
|
كنعاج الملا تعسفن رملا |
والثاني : أنه عطف على (ما) لا يتبين معه فيه الإعراب مع ضعف (إنّ) ، وهذا قول الفراء (٦).
__________________
إذا بلغ ستة أشهر أو سبعة. المرود : حديدة توتد في الأرض يشد بها حبل الدابة. يريد أنّ دمها مرّ على وجهه كما يمضي الخروف. يقول : يأس العواد من إصلاح هذه الطعنة. ينظر اللسان : ٩ / ٦٦ (خرف).
(١) معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ١٥٦.
(٢) هذا رأي النحاس في معاني القرآن : ٢ / ٣٤٠.
(٣) معاني القرآن للفراء : ١ / ٣١١ ، ومجاز القرآن : ١ / ١٧٢.
(٤) نسب الزجاج هذا الرأي إلى الكسائي في معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ١٥٧ وخطأه.
(٥) ديوانه : ٢٤٠ ، وهو من شواهد سيبويه في الكتاب : ١ / ٣٩٠ ، وابن جني في الخصائص : ٢ / ٣٨٦ ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ١٧ / ١٤٢ ، وشرح ابن عقيل : ٢ / ٢٣٨.
(٦) معاني القرآن للفراء : ١ / ٣١٠.