أنّه ما دخلها أحد منهم ، وقيل إن يوشع بن نون وكالب بن يوقنا دخلاها (١).
وجاء عن الربيع أن مقدار التّيه كان مقدار ستة فراسخ ، وقال مجاهد : كانوا يصبحون حيث أمسوا ، ويمسون حيث أصبحوا (٢) ، وروي عن ابن عباس أن موسى عليهالسلام مات في التّيه بخلاف عنه. وكان الحسن يقول لم يمت فيه (٣). وكذا في دخول مدينة الجبارين خلاف عنه وعن ابن عباس أيضا.
قوله تعالى : (وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) [المائدة : ٦١]. يسأل عن معنى : (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ؟)
وفيه جوابان (٤) :
أحدهما : أنّهم دخلوا به على النّبي صلىاللهعليهوسلم وخرجوا به إلى أحوال أخر ، كقولك : هو يتقلب في الكفر ويتصرف فيه.
والثاني : [أنّهم دخلوا به في أحوالهم ، وخرجوا به إلى أحوال أخر](٥).
و (قد) تدخل في الكلام على وجهين :
إذا كانت مع الماضي قرينة من الحال ، وإذا كانت مع المستقبل دلّت على التّقليل (٦).
وموضع (الباء) من قوله : (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) نصب على الحال (٧) ؛ لأنّ المعنى : دخلوا كافرين وخرجوا كافرين (٨) ؛ لأنّه لا يريد أنّهم دخلوا يحملون شيئا ، وهو كقولك : خرج بثيابه ، يريد : خرج لابسا ثيابه ، ومثله قول الشاعر (٩) :
__________________
(١) ينظر جامع البيان : ٦ / ٢٤٢ ، وهما رجلان صالحان من قوم موسى دخلا مدينة الجبارين لرفع الظلم عن أهلها.
(٢) ينظر أحكام القرآن : ٢ / ٥٠١ ، وزاد المسير : ٢ / ٢٦٣ ، والجامع لأحكام القرآن : ٦ / ١٢٩ ، والجواهر الحسان : ٢ / ٣٦٩.
(٣) جامع البيان : ٦ / ٢٤٩ ، ومعالم التنزيل : ٣ / ٣٨.
(٤) ينظر في هذه المسألة جامع البيان : ٦ / ٤٠٠ ـ ٤٠١ ، ومجمع البيان : ٣ / ٣٧٢.
(٥) سقط في الأصل ، والزيادة من مجمع البيان : ٣ / ٣٧٢.
(٦) ينظر حروف المعاني للزجاجي : ١٣ ، ومعاني الحروف للرماني : ٩٨ ـ ٩٩ ، وإعراب القرآن لأبي طاهر : ق ٢٣٢ ، والبحر المحيط : ٤ / ٣١٠ ، والدر المصون : ٤ / ٣٤٠ ـ ٣٤١.
(٧) ينظر مشكل إعراب القرآن : ١ / ٢٣١ ، والبيان : ١ / ٢٩٩ ، والمصادر السابقة.
(٨) زاد المسير : ٢ / ٢٩٧ ، والجامع لأحكام القرآن : ٦ / ٢٣٧.
(٩) البيت لرجل من بني الحارث ، وهو من شواهد المبرد في الكامل : ٢ / ٦٢٢ ، وابن جني في سر الصناعة : ١ / ١٣٤. ومستنة : يعني طعنة فار دمها باستنان. والاستنان والسن : المر على وجهه. الخروف : ولد الفرس