قد روي (١) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ وإبّان بن عثمان ؛ لأنّه لو كان كذلك لم تكن الصحابة لتعلّمه النّاس على الغلط وهم الأئمة. وأجود ما قيل في هذا القولان الأوّلان.
قوله تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [النساء : ١٧٦]
الاستفتاء : استدعاء الفتيا. والفتيا : الإخبار بالحكم ولا يقال للإخبار بالحكم عن علّة الحكم فتيا إلّا أن تذهب به مذهب الحكم بالمعنى على البناء له على حكم غيره ليصحح به (٢).
والكلالة : ما عدا الوالد والولد ، هذا قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ويروى عن عمر رضي الله عنه أنّه قال : ما عدا الولد ـ على تشكك منه ـ وقال الحسن : الإخوة والأخوات (٣).
وعلى القول الأول جمهور العلماء ، وهو الوجه ؛ لأنّه من تكلل النّسب غير اللاصق به ، وإنّما اللاصق الوالد والولد.
وفي الكلام حذف ، والتّقدير فيه : إن امرؤ هلك ليس له ولد وقد ورث كلالة وله أخت.
وقال العلماء : أصول الفرائض ثمانية عشر : اثنا عشر في أول السّورة ، وأربعة في آخرها [٢٦ / ظ] ، واثنان سماهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم العصبة وفريضة الجد (٤).
وقيل هي تسعة عشر ، لقوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) [الأنفال : ٧٥] ، وفي قوله تعالى : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) [النساء : ١٧٦] دلالة على أن للبنتين الثّلثين ؛ لأنّ الله تعالى سوّى بين البنت والأخت في النّصف ، فقيست البنتان على الأختين (٥).
__________________
(١) معاني القرآن للفراء : ١ / ١٠٦ ، وجامع البيان : ٦ / ٣٤.
(٢) ينظر اللسان : ١٥ / ١٤٨ (فتا).
(٣) ينظر معاني القرآن للنحاس : ٢ / ٣٤ ـ ٣٦ ، وأحكام القرآن : ٢ / ١٠٩ ، والمبسوط : ٢٩ / ١٥٢ ، والإحكام في أصول الأحكام : ٤ / ٤١.
(٤) ينظر الموطأ : ٢ / ٥١٥ ، والمجموع في شرح التهذيب : ٦ / ٨٣.
(٥) ينظر الأحكام : ٢ / ٣١٨ ، وجامع البيان : ٦ / ٥٤ ، وفقه السنة : ٣ / ٦١٩.