و (رَدِفَ لَكُمْ) [النمل : ٧٢] ، وقال كثير (١) :
أريد لأنسى ذكرها فكأنّما |
|
تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل |
أي : إرادتي لهذا ، وهذا الجواب الثّاني.
والجواب الثّالث : أن بعض النحويين ضعّف هذين الوجهين بأن جعل اللام بمعنى (أن) (٢) لم يقم به حجّة قاطعة ، وحمله على المصدر يقتضي جواز : ضربت لزيد ، بمعنى :
ضربت زيدا ، وهذا لا يجوز ، ولكن يجوز في التّقديم والتّأخير ، نحو : لزيد ضربت ، وللرؤيا تعبرون ؛ لأن عمل الفعل في التقديم يضعف كعمل المصدر في التأخير ، ولذلك لم يجز إلا في المتصرّف ، فأمّا (رَدِفَ لَكُمْ) [النمل : ٧٢] فعلى تأويل : ردف ما ردف لكم ، وعلى ذلك : يريد ما يريد لكم.
وهذه الأقوال كلّها مضطربة ، وقد قيل إن مفعول (يُرِيدُ) محذوف تقديره : يريد الله تبصيركم ليبين لك (٣).
قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) [النساء : ٩٣]
القتل : معروف ، وقتل العمد : ما قصد به إتلاف النفس كائنا ما كان بحجر أو عصى أو حديد أو غير ذلك ، وهذا قول عبيد بن عمير (٤) وإبراهيم وروى أنس (٥) أن يهوديا قتل جارية بين حجرين ، فأتى به النبي صلىاللهعليهوسلم فقتله بين حجرين ، (كلّ شيء خطأ إلّا السّيف ، ولكلّ خطأ أرش) (٦).
والجزاء والمجازاة واحد ، واللّعنة : الإبعاد والطرد (٧).
__________________
(١) ديوانه : ١٠٨ ، وهو في الأغاني : ٨ / ٢٩٢ ، والمحتسب : ٢ / ٣٢ ، وشرح ديوان الحماسه للمرزوقي : ١٢٣٧ ، ورصف المباني : ٢٤٦.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٦١ ، والكشاف : ١ / ٥٢١ ، والبحر المحيط : ٣ / ٦٠٠ ـ ٦٠١.
(٣) ينظر في هذه المسألة : شرح الكافية : ٤ / ٦٢ ، ورصف المباني : ٢٤٦ ، والجنى الدّاني : ١٢١ ـ ١٢٢ ، وشرح شذور الذّهب : ٣٨٣ ـ ٣٨٤.
(٤) ابن قتادة الليثي ، أبو عاصم (ت ٦٤ ه). ينظر مشاهير علماء الأمصار : ١٣٤ ، وتذكرة الحفاظ : ١ / ٥٠.
(٥) ينظر معاني الآثار : ٣ / ١٩٠ ، والجامع لأحكام القرآن : ٢ / ٣٥٩.
(٦) هذا حديث مرفوع لرسول الله صلىاللهعليهوسلم يرويه عنه النعمان بن بشير. المصنف : ٩ / ٢٧٣ ، وسنن الدار قطني : ٣ / ٨٤. وسبل السّلام : ٣ / ٣٦. الأرش : ديّة الجراحة. العين : ٦ / ٢٨٣ (أرش).
(٧) اللسان : ١٤ / ١٤٣ (جزي) ، و ١٣ / ٣٨٧ (لعن).